وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ. أي: وأخرجنا كذلك بالمطر جنات من أعناب وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ. أي: وأخرجنا بالمطر الزيتون والرّمّان مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ. أي: متشابها وغير متشابه يعني أنّ الزّيتون والرّمّان بعضه متشابه وبعضه غير متشابه في القدر واللّون والطّعم، انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ. أي: إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضعيفا لا ينتفع به وَيَنْعِهِ. أي: ونضجه. ومعنى الأمر:
انظروا إليه ساعة خروجه، وإلى حال نضجه نظر اعتبار واستدلال على قدرة مدبّرة ومقدّرة وناقلة من حال إلى حال إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أي: لآيات دالة على وجود القادر الحكيم ووحدانيته فإن حدوث الأجناس المختلفة والأنواع المفترقة من أصل واحد، لا يكون إلا بإحداث قادر يعلم تفاصيلها، ويرجّح ما تقتضيه حكمته، ولا يعوقه عن فعله ندّ يعارضه، أو ضد يعانده، وبهذا تنتهي مقدمة المقطع وتعليقا على هذه المقدمة يقول صاحب الظلال:
«وبعد، فنحن- في هذا الدرس- أمام كتاب الكون المفتوح، الذي يمر به الغافلون في كل لحظة، فلا يقفون أمام خوارقه وآياته، ويمر به المطموسون فلا تتفتح عيونهم على عجائبه وبدائعه .. وها هو ذا النّسق القرآني العجيب يرتاد بنا هذا الوجود، كأنما نهبط إليه اللحظة، فيقفنا أمام معالمه العجيبة، ويفتح أعيننا على مشاهده الباهرة، ويثير تطلعنا إلى بدائعه التي يمر عليها الغافلون غافلين!
ها هو ذا يقفنا أمام الخارقة المعجزة التي تقع في كل لحظة من الليل والنهار .. خارقة انبثاق الحياة النابضة من هذا الموت الهامد .. لا ندري كيف انبثقت، ولا ندري من أين جاءت- إلا أنها جاءت من عند الله وانبثقت بقدر من الله. لا يقدر بشر على إدراك كنهها بله ابتداعها!
وها هو ذا يقف بنا أمام دورة الفلك العجيبة .. الدورة الهائلة الدائبة الدقيقة .. وهي خارقة لا يعدلها شئ مما يطلبونه من الخوارق .. وهي تتم في كل يوم وليلة بل تتم في كل ثانية ولحظة ..
وها هو ذا يقف بنا أمام الحياة البشرية .. من نفس واحدة .. وأمام تكاثرها بتلك الطريقة
وها هو ذا يقف أمام نشأة الحياة في النبات .. وأمام مشاهد الأمطار الهائلة والزروع