للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهما شعيبا النبي عليه السلام». وهذا غريب وفي رفعه نظر، والأشبه أن يكون موقوفا. والصحيح أنهم أمة واحدة، وصفوا في كل مقام بشيء، ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان كما في قصة مدين سواء بسواء، فدل ذلك على أنهما أمة واحدة).

٢ - ورد إهلاك قوم شعيب في أكثر من مكان في القرآن، وفي كل مرة عرض فيه نوع مما أصابهم، ومن ثم قال ابن كثير: (وقد ذكر الله صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق، ففي الأعراف الآية (٨٨) ذكر أنهم أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين، وذلك لأنهم قالوا لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فأرجفوا نبي الله ومن اتبعه فأخذتهم الرجفة، وفي سورة هود قال: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ* وذلك لأنهم استهزءوا بنبي الله في قولهم أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء، فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم فقال فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ* الآية وهاهنا قالوا: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ الآية على وجه التعنت والعناد، فناسب أن يحق عليهم ما استبعدوا وقوعه فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قال قتادة قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إن الله سلط عليهم الحر سبعة أيام حتى ما يظلهم منه شئ، ثم إن الله أنشأ لهم سحابة فانطلق إليها أحدهم فاستظل بها فأصاب تحتها بردا وراحة، فأعلم بذلك قومه، فأتوها جميعا فاستظلوا تحتها فأججت عليهم نارا، وهكذا روي عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:

بعث الله إليهم الظلة حتى إذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظلة، وأحمى عليهم الشمس، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى، وقال محمد بن كعب القرظي: إن أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب: أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا منها، فلما خرجوا منها أصابهم فزع شديد، ففرقوا أن يدخلوا إلى البيوت فتسقط عليهم، فأرسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل فقال: ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا أبرد من هذا، هلموا أيها الناس، فدخلوا جميعا تحت الظلة، فصاح بهم صيحة فماتوا جميعا، ثم تلا محمد بن كعب فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وروى محمد بن جرير .. عن يزيد الباهلي سألت ابن عباس عن هذه الآية: فَأَخَذَهُمْ عَذابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>