يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فأثنى الله على سليمان، ولم يذم داود ثم قال (يعني الحسن) إن الله اتخذ على الحكام ثلاثا: لا يشتروا به ثمنا قليلا، ولا يتبعوا فيه الهوى ولا يخشوا فيه أحدا، ثم تلا يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وقال فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وقال: وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا* قلت:- القائل ابن كثير- أما الأنبياء عليهم السلام فكلهم معصومون مؤيدون من الله عزّ وجل، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المحققين، من السلف والخلف، وأما من سواهم فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن العاص أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذ اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر» فهذا الحديث يرد نصا ما توهمه إياس من أن القاضي إذ اجتهد فأخطأ فهو في النار- والله أعلم-. وفي السنن: القضاة ثلاثة: قاضي في الجنة وقاضيان في النار، رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل حكم بين الناس على جهل فهو في النار، ورجل علم الحق فقضى خلافه فهو في النار»
وقريب من قصة داود وسليمان في القرآن ما رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال عن أبي هريرة قال:«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما امرأتان معهما ابنان لهما إذ جاء الذئب فأخذ أحد الابنين فتحاكما إلى داود فقضى به للكبرى فخرجتا فدعاهما سليمان فقال هاتوا السكين أشقه بينكما فقالت الصغرى: يرحمك الله هو ابنها لا تشقه، فقضى به للصغرى» وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما وبوب عليه النسائي في كتاب القضاء (باب الحاكم يوهم خلاف الحكم ليستعلم الحق) وهكذا القصة التي أوردها الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمة سليمان عليه السلام من تاريخه عن ابن عباس فذكر قصة مطولة ملخصها: أن امرأة حسناء في زمان بني إسرائيل راودها عن نفسها أربعة من رؤسائهم فامتنعت على كل منهم، فاتفقوا فيما بينهم عليها فشهدوا عليها عند داود عليه السلام، أنها مكنت من نفسها كلبا لها قد عودته ذلك، فأمر برجمها فلما كان عشية ذلك اليوم جلس سليمان واجتمع معه ولدان مثله، فانتصب حاكما، وتزيا أربعة منهم بزي أولئك، وآخر بزي المرأة، وشهدوا عليها بأنها مكنت من نفسها كلبا، فقال سليمان: فرقوا بينهم فسألوا أولهم ما كان لون الكلب فقال أسود فعزله، واستدعى الآخر فسأله عن لونه فقال: أحمر وقال الآخر أغبش وقال الآخر أبيض فأمر