عند ذلك بقتلهم فحكي ذلك لداود عليه السلام فاستدعى من فوره أولئك الأربعة، فسألهم متفرقين عن لون ذلك الكلب، فاختلفوا عليه فأمر بقتلهم»
٣ - بمناسبة قوله تعالى: وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ قال ابن كثير: وذلك لطيب صوته بتلاوة كتابه الزبور، وكان إذا ترنم به تقف الطير في الهواء فتجاوبه وترد عليه الجبال تأويبا، ولهذا لما مر صلى الله عليه وسلم على أبي موسى الأشعري وهو يتلو القرآن من الليل- وكان له صوت طيب جدا- فوقف واستمع لقراءته وقال:«لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود» قال: يا رسول الله لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا. وقال أبو عثمان النهدي: ما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا مزمارا مثل صوت أبي موسى رضي الله عنه ومع هذا قال عليه الصلاة والسلام: «لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود»
٤ - لم أجد لقوله تعالى وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ تفسيرا أطمئن إليه، فالآية تحتمل أن الريح تتحرك بأمره. بحيث تسير السفن في البحر كما يحب، وتحتمل أن الريح تأتي بالمطر والخصب كما يشاء بأمره، وتحتمل أن الريح مسخرة له لشئون أخرى، فما هي هذه الشئون؟ هل هي حمله وجنده من مكان إلى مكان، أو حمله منفردا؟ يذكر المفسرون شيئا من ذلك ولكنه لا يصلح نصا في الموضوع، لأنه ليس تفسيرا نبويا، ولا توصل إليه اللغة، فهو إذن في الغالب من الروايات الإسرائيلية التي لا تصلح معتمدا لفهم النصوص، وعلم تفصيل ذلك لا يترتب عليه شئ، ومن ثم لم يفصله لنا الله ولا رسوله، والعبرة حاصلة كيف كان هذا التسخير.
٥ - عند قصة أيوب يذكر المفسرون العجائب مما ليس له أصل في الكتاب، أو في السنة وبعضه لا يجوز اعتماده أبدا كما نص على ذلك علماء التوحيد، كذكرهم أن الدود أكله إلا قلبه ولسانه، وأنه ألقي على مزبلة، إن مثل هذا الكلام لا تصح روايته، ولا اعتماده، ولا أصل له إلا كلام أهل الكتاب، وكلامهم مليء بالسفه في حق الأنبياء، فكيف يعتمد، والسفر الذي يذكر في كتب العهد القديم ويسمى سفر أيوب فيه من أبشع ما يمكن أن ينسب إلى الأنبياء وظاهر من قراءته أنه من خيال بعض كتاب اليهود؛ إذ فيه حوار بين أيوب وصاحبين له. يظهر فيه بمظهر المعترض على الله في ابتلائه له- وحاشاه- والشئ الذي نحب أن نقرره أنه ليس عندنا في قصة أيوب ما نستطيع اعتماده إلا ما يفهمنا إياه النص القرآني، وما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر- وهو