للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلًا يروي الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم متوار في مكة وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال: كان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن، وسبوا من أنزله، ومن جاء به، قال: فقال الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبون القرآن وَلا تُخافِتْ بِها عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا. فلما هاجر إلى المدينة سقط ذلك يفعل أيّ ذلك شاء.

وقال محمد بن إسحاق: عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرّقوا عنه، وأبوا أن يسمعوا منه، فكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعض ما يتلوه وهو يصلي استرق السمع دونهم؛ فرقا منهم، فإذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع، ذهب خشية أذاهم فلم يسمع، فإن خفض صوته صلّى الله عليه وسلّم لم يسمع الذين يستمعون من قراءته شيئا، فأنزل الله وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ فيتفرقوا عنك وَلا تُخافِتْ بِها فلا يسمع من أراد أن يسمع ممن يسترق ذلك منهم، فلعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا.

وروى ابن جرير بسنده عن ابن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر كان إذا صلّى فقرأ خفض صوته، وأن عمر كان يرفع صوته، فقيل لأبي بكر: لم تصنع هذا؟ قال:

أناجي ربي عزّ وجل، وقد علم حاجتي، فقيل: أحسنت. وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، قيل: أحسنت فلما نزلت وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا. قيل لأبي بكر ارفع شيئا، وقيل لعمر اخفض شيئا.

وفي الآية أقوال أخرى:

بعضهم قال إنها نزلت في الدعاء، وبعضهم قال: إنها في التشهد، وبعضهم قال معناه: لا تصل مراءاة للناس، ولا تدعها مخافة الناس، وبعضهم قال: لا تحسن علانيتها وتسئ سريرتها، وبعضهم قال: لا تجهر بالصلاة مثل أهل الكتاب إذ يخافتون، ثم يصيح أحدهم فيصيحون، ثم يعودون إلى المخافتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>