ثم تقول السورة: وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا* ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً* وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ.
أنزل الله كتابا على موسى عليه السلام، جعل فيه الهدى، وطالب بني إسرائيل بالشكر، فأفسدوا فسلّط عليهم، فيا هذه الأمة: لقد أنزل الله عليك الكتاب، وجعله هاديا، فإياك أن تنحرفي. هذا هو الدرس الأول.
وإذ يستقر هذا فإن الله عزّ وجل يحدّث هذه الأمة عن خصائص كتابه:
إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ..
وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا ..
وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ...
وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ...
فهذه خصائص للقرآن، يتحدث عنها السياق، وفي كل مرة يتحدث عن خصيصة من خصائص القرآن نجد أن السياق يبرهن عمليا على وجود هذه الخصيصة.
فالبشرية عامة، والعرب خاصة، تمت عليهم بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم وبالقرآن النعمة. فالناس قسمان: إما مستجيب، وإما رافض. أما الرافض فإقامة حجة عليه، وإنذار له، ومناقشة لكل كلمة يقولها، وأما المستجيب فتربية له، وتوجيه مباشر وغير مباشر.
والضالون نوعان: منحرف، ورافض، وفي السورة درسان: درس للمنحرف، ودرس للرافض.
وما بينهما كلام لهذه الأمة عن خصائص القرآن، ومناقشة للمواقف منه في ظلال الدرسين، وكل ذلك يخدم موضوع الدخول في الإسلام كله، وترك اتباع خطوات الشيطان، إما بشكل مباشر، وإما بشكل غير مباشر. وأهم ما يخدم موضوع الدخول في الإسلام كله بشكل مباشر الآيات وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ ..
وقوله تعالى: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا* وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا* إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً.
ومن أهم الملاحظات أن نلاحظ أن سورة الإسراء انتهت بقوله تعالى: وَقُلِ