الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً وأن السورة التي تأتي بعدها وهي سورة الكهف تبدأ بقوله تعالى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً* ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً* وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً .. فإنك تلاحظ أن سورة الكهف تبدأ بذكر الحمد، وتبدأ بمعان موجودة في الآية الأخيرة من سورة الإسراء، فهي تبني على سورة الإسراء، وكلا السورتين مذكور في الآية الأولى منها كلمة «عبده».
فالسورتان، وسورة مريم بعدهما، وسورة النحل، والحجر قبلهما، تشكل مجموعة واحدة تخدم معنى متكاملا.
وبعد: فإننا نترك سورة الإسراء ولم نشعر أننا بلغنا إلى ما نريد من عرض لوحدة سياقها، وصلة مقدمتها بخاتمتها، كما لم نبلغ إلى ما نريد في تبيان صلتها بمحورها من سورة البقرة غير أننا نحسب أنه قد وضح أن في السورة ذكرا لنعم الله المادية والمعنوية، وتهديدا لمن لم يشكر، وتهديدا لمن بدّل وغيّر وانحرف. كما وضح أن في السورة عرضا لما أنزل على بني إسرائيل، وكيف عوقب من كفر هذه النعمة وبدّلها. كما وضح أنّ في السورة توضيحا لخطوات الشيطان التي ينبغي ألا تسلك. كما وضحت ضرورة الالتزام بالقرآن كله، فإذا كانت هذه الأمور قد وضحت، فحسبنا هي في إقامة الدليل على أن هذه السورة مرتبطة بالمحور الذي ذكرناه من سورة البقرة، وقد آن الأوان لننتقل إلى سورة الكهف: