وانتقل عمود السحاب من أمامهم ووقف وراءهم. فدخل بين عسكر المصريين وعسكر إسرائيل. وصار السحاب والظلام وأضاء الليل، فلم يقترب هذا إلى ذاك كل الليل. ومد موسى يده على البحر فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل.
وجعل البحر يابسة وأنشف الماء. فدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم وتبعهم المصريون ودخلوا وراءهم جميع خيل فرعون ومركباته وفرسانه إلى وسط البحر. وكان في هزيع الصبح أن الرب أشرف على عسكر المصريين في عمود النار والسحاب وأزعج عسكر المصريين وخلع بكر مركباتهم حتى ساقوها بثقلة. فقال المصريون نهرب من إسرائيل لأن الرب يقاتل المصريين عنهم.
فقال الرب لموسى مد يدك على البحر ليرجع الماء على المصريين على مركباتهم وفرسانهم. فمد موسى يده على البحر فرجع البحر عند إقبال الصبح إلى حاله الدائمة والمصريون هاربون إلى لقائه. فدفع الرب المصريين في وسط البحر. فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر. لم يبق منهم ولا واحد. وأما بنو إسرائيل فمشوا على اليابسة في وسط البحر والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم.
فخلص الرب في ذلك اليوم إسرائيل من يد المصريين. ورأى إسرائيل المصريين أمواتا على شاطئ البحر. ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين. فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى.)
٦ - ذكر ابن كثير حكمة تكرار قصة موسى عليه السلام في القرآن في سياق الكلام عن هذه القصة في سورة يونس قال: وكثيرا ما يذكر الله تعالى قصة موسى عليه السلام مع فرعون في كتابه العزيز؛ لأنها من أعجب القصص، فإن فرعون حذر من موسى كل الحذر، فسخره القدر أن ربى هذا الذي يحذر منه على فراشه ومائدته بمنزلة الولد، ثم ترعرع وعقد الله سببا أخرجه من بين أظهرهم، ورزقه النبوة والرسالة والتكليم، وبعثه إليه ليدعوه إلى الله تعالى ليعبده ويرجع إليه، هذا مع ما كان عليه فرعون من عظمة المملكة والسلطان، فجاءه برسالة الله تعالى، وليس له وزير سوى أخيه هارون عليه السلام، فتمرد فرعون واستكبر وأخذته الحمية، والنفس الخبيثة الأبية، وقوى رأسه، وتولى بركنه، وادعى ما ليس له، وتجهرم على الله، وعتا وبغى وأهان حزب الإيمان من بني إسرائيل، والله تعالى يحفظ رسوله موسى عليه السلام وأخاه هارون، ويحوطهما