وقد اختلف الناس كثيرا في تفسير الكبائر، وعدها، وحدها، وكونها ذكرت في الحديث السابق سبعا لا يفيد الحصر، لأن لفظ الكبيرة قد ورد في أحاديث أخرى.
وورد فيها غير السبع، فذكرت شهادة الزور على أنها من أكبر الكبائر، وذكر من الكبائر، اليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله- عزّ وجل- والأمن من مكر الله، وذكر التعرب بعد الهجرة. وذكر عمر رضي الله عنه في إحدى رسائله، أن من الكبائر، الجمع بين الصلاتين، والنهبة، وذكر في بعض الأحاديث، أن من أكبر الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق. ومن الكبائر السبتان بالسبة.
وذكر في بعض الأحاديث، أن من الكبائر عقوق الوالدين، واليمين الغموس. وقد ألفت كتب في الكبائر، وحدها، وعدها. فلتراجع. ومما يدل على أن الكبائر كثيرة، وهي أكثر مما ذكر في الحديث الأول: أنه لا يشك أحد في أن الزنا، والسرقة كبيرتان.
ولم تدخلا في الحديث. ولذلك قال ابن عباس:(هن إلى السبعين أدنى منهن إلى سبع). وقال مرة:(هن إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع. غير أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار) وإنا نسأل الله توبته، وإنا لنرجوا شفاعة رسولنا صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث الصحيح:«شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي». رواه عبد الرزاق.
وفي الصحيح شاهد لمعناه. وهو قوله صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الشفاعة:«أترونها للمؤمنين المتقين؟. لا. ولكنها للخاطئين المتلوثين».
٧ - عن مجاهد قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله لا نقاتل فنستشهد، ولا نقطع الميراث؟. فنزلت الآية. أي قوله تعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ....
وقال السدي في الآية: قال الرجال إنا نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء كما لنا في السهام سهمان. وقالت النساء: إنا نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الشهداء. فإنا لا نستطيع أن نقاتل. ولو كتب علينا القتال لقاتلنا. فأبى الله ذلك.
ولكن قال لهم: سلوني من فضلي ...
وقال ابن عباس في الآية: ولا يتمنى الرجل، فيقول: ليت لو أن لي مال فلان، وأهله. فنهى الله عن ذلك. ولكن يسأل الله من فضله.
٨ - بمناسبة قوله تعالى: وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ. روى ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلوا الله من فضله. فإن الله يحب أن يسأل، وإن أفضل العبادة،