ومن ثم، فعلينا أن نبذل جهدا لتحصيل علم الخشوع، وحاله. وهو أول علم يرفع من الأرض، كما في حديث حسن.
٥ - رأينا أن في قوله تعالى: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ، تفسيرين: التفسير الذي فسر ذلك بالسفر ووجه الاستثناء على أنه استثناء من جواز قربان الصلاة في حالة الجنابة. وهو اتجاه الحنفية. وبناء عليه، فلا يجوز لجنب أن يدخل المسجد ولو مارا.
والتفسير الثاني: وهو الذي فسر الاستثناء على أنه استثناء من جواز قربان محال الصلاة، وهي المساجد. وبالتالي فإن عبور المسجد للجنب عند الحاجة على هذا المذهب جائز. قال ابن كثير:(ومن هذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد ويجوز المرور، وكذا الحائض، والنفساء أيضا في معناه إلا أن بعضهم قال يحرم مرورهما، لاحتمال التلويث، ومنهم من قال: إن أمنت كل واحدة منهما التلويث في حال المرور، جاز لها المرور). وذكر ابن كثير أدلة الطرفين، ولكل دليله. وأما المكث في المسجد للجنب فإن أبا حنيفة، ومالكا، والشافعي يحرمون على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل، أو يتيمم إن عدم الماء، أو لم يقدر على استعماله بطريقه، وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد لما روى هو، وسعيد بن منصور في سننه، بسند صحيح: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك.
٦ - وفي حد المرض الذي يبيح التيمم، قال ابن كثير:
(أما المرض المبيح للتيمم، فهو الذي يخاف معه من استعمال الماء فوات عضو، أو شينه، أو تطويل البرء). ومن العلماء من جوز التيمم بمجرد المرض، لعموم الآية.
٧ - وفي تفسير الصعيد في الآية، أقوال قال ابن كثير:
(والصعيد، قيل هو: كل ما صعد على وجه الأرض. فيدخل فيه التراب، والرمل، والشجر، والحجر، والنبات. وهو قول مالك. وقيل: ما كان من جنس التراب.
كالرمل والزرنيخ، والنورة. وهذا مذهب أبي حنيفة. وقيل: هو التراب فقط. وهو قول الشافعي، وأحمد بن حنبل، وأصحابهما). ثم ذكر أدلة القول الأخير.
٨ - وعند قوله تعالى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ قال ابن كثير:
التيمم بدل عن الوضوء في التطهير، لا أنه بدل منه فى جميع أعضائه بل يكفي مسح الوجه واليدين بالإجماع. ولكن اختلف الأئمة في كيفية التيمم على أقوال: أحدها- وهو مذهب الشافعي في الجديد- أنه يجب أن يمسح الوجه واليدين إلى المرفقين