للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. ورأينا أن المقطع الأول في سورة البقرة يبدأ بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. وقلنا هناك إن المقطع الأول الآتي بعد مقدمة سورة البقرة يدلنا على الطريق لنكون من المتقين، والطريق هو العبادة، وإذا كانت سورة النساء تفصيلا لقضيتي العبادة والتقوى، وإذا كان من التقوى الاهتداء بالكتاب، فإن المقطع الذي بين أيدينا يفصل في هذا الموضوع.

وإذ جاءت سورة النساء تفصيلا لقضية التقوى والعبادة، وما يدخل فيهما فإننا نرى أن هذا المقطع يذكرنا بطاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم وكيف أنه لا إيمان بالقرآن ولا إيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا إيمان بالله إلا بالطاعة لله والرسول صلى الله عليه وسلم.

لاحظ الصلة بين قوله تعالى في مقدمة سورة البقرة: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وبين قوله تعالى في هذا المقطع: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ

إن ادعاء التقوى دون سلوك طريقها دعوى زائفة. إن سورة النساء التي تفصل في المحور- الذي دعا الناس إلى السير في الطريق الذي يوصل إلى التقوى- تفصل لنا في الطريق، وتوضح لنا ماهية التقوى، فالمقطع واضح الصلة بسياق السورة واضح الصلة بمحورها. ومن خلال قوله تعالى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ندرك أن هناك صلة بين المقطع وبين الآية السابقة عليه وهي: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ

فصيغة العدل الوحيدة هي هذا الدين في مصدرية الرئيسين الكتاب والسنة، وفي مصادره الفرعية الملتزمة بالكتاب والسنة والمنبثقة عنهما.

إنه من خلال أدنى نظرة إلى المقطع ندرك أن المقطع وحدة متكاملة موضوعها (الطاعة) فالآية الأولى فيه: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>