للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومكرهم، كل ذلك ضعيف أمام قدرة الله، ضعيف إذا وجد الجهاد. فليعلم ذلك المؤمنون. أن كيد الشيطان ضعيف إذا قام المسلمون بأمر الله في الجهاد في سبيله. أما إذا لم يفعلوا فيا خسارتهم في الدنيا والآخرة، إن ذلك من النفاق كما ورد في الحديث «من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق».

ثم يلفت الحق- عزّ وجل- نظر رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إلى تصور خاطئ عند بعض الناس تصور من يظن أن الإسلام صلاة وزكاة، ثم لا قتال، تصور الذين هم مستعدون لطاعة الله في قضايا العبادة، لا في قضايا بذل الدم في سبيل الله، وذلك من خلال عرض حال بعض المؤمنين بعد أن كتب عليهم القتال، وذلك أن المسلمين كانوا مأمورين في ابتداء الإسلام بالصلاة، والإنفاق في سبيل الله مواساة للفقراء منهم، وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين إلى حين، وكانت هذه مرحلة لها أسبابها، حتى إذا أذن الله بالجهاد والقتال، وأمر به، إذا فريق من هؤلاء المؤمنين يجزع ويخاف من مواجهة الناس بالقتال، ويتمنون على الله أن يؤخر عنهم فريضة القتال؛ لما فيها من سفك الدماء، ويتم الأولاد، وتأيم النساء، والتي من أجلها يتمنون تأخير فريضة القتال، فبين أن متاع الدنيا قليل لا يساوي شيئا، وأن الآخرة لأهل التقوي، خير من هذه الدنيا، وأن الله يوفي أهل التقوى جزاء أعمالهم كاملا، فليرغبوا في الآخرة، وليجاهدوا.

ثم زادهم بصيرة وبيانا ليرغبوا في الجهاد، عند ما بين لهم أنهم صائرون إلى الموت لا محالة، وأن الموت لا ينجو منه أحد، وأن كل أحد صائر إلى الموت في الأجل المحدد، لا ينجيه من ذلك شئ سواء جاهد أو لم يجاهد، حتى ولو كان في الحصون المنيعة العالية الرفيعة، ثم سفه الله- عزّ وجل- تصورا آخر عند بعض من يدعون الإسلام، ويتظاهرون أنهم من أهله، ولا يعقلون ولا يعلمون. هذا التصور، هو أنه إذا كان خصب، ورزق، وثمار، وزروع، وأولاد، ورخاء، يعتبرون ذلك من عند الله، وإن كان قحط، وجدب، ونقص في الثمار والزروع والأولاد، يعتبرون ذلك من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسبب اتباعه والاقتداء بدينه. وإذا كان نصر وغلبة يعتقدون أن ذلك من الله، وإذا كان إصابة من قتل أو هزيمة يعتقدون أن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من يقوم مقامه من بعده من أمته على طريقته في أمر الجهاد وغيره. فصحح الله هذا المفهوم الصادر عن قلة فهم وعلم وكثرة جهل وظلم، مبينا أن الحسنة والسيئة من عند الله، وأن الجميع بقضاء الله وقدره، وهو نافذ في البر والفاجر، والمؤمن والكافر،

<<  <  ج: ص:  >  >>