عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وتعليقا على ذلك يقول صاحب الظلال:
«والله- عزّ وجل- يسأل في استنكار: لم يتخذون الكافرين أولياء وهم يزعمون الإيمان؟ لم يضعون أنفسهم هذا الموضع، ويتخذون لأنفسهم هذا الموقف؟ أهم يطلبون العزة والقوة عند الكافرين؟ لقد استأثر الله- عزّ وجل- بالعزة، فلا يجدها إلا من يتولاه ويطلبها عنده ويرتكن إلى حماه. هكذا تكشف اللمسة الأخيرة عن طبيعة المنافقين، وصفتهم الأولى، وهي ولاية الكافرين دون المؤمنين، كما تكشف عن سوء تصورهم لحقيقة القوى، وعن تجرد الكافرين من العزة والقوة التي يطلبها عندهم أولئك المنافقون. وتقرر أن العزة لله وحده، فهي تطلب عنده، وإلا فلا عزة ولا قوة عند الآخرين:
ألا إنه لسند واحد للنفس البشرية تجد عنده العزة، فإن ارتكنت إليه استعلت على من دونه. وألا إنها لعبودية واحدة ترفع النفس البشرية وتحررها ... العبودية لله ... فإن لا تطمئن إليها النفس استعبدت لقيم شتى، وأشخاص شتى، واعتبارات شتى، ومخاوف شتى. ولم يعصمها شئ من العبودية لكل أحد، ولكل شئ ولكل اعتبار.
وإنه إما عبودية لله كلها استعلاء وعزة وانطلاق. وإما عبودية لعباد الله كلها استخذاء وذلة وأغلال .. ولمن شاء أن يختار ..
وما يستعز المؤمن بغير الله وهو مؤمن. وما يطلب العزة والنصرة والقوة عند أعداء الله وهو مؤمن بالله. وما أحوج ناسا ممن يدعون الإسلام، ويتسمون بأسماء المسلمين، وهم يستعينون بأعداء الله في الأرض، أن يتدبروا هذا القرآن ... إن كانت بهم رغبة في أن يكونوا مسلمين .. وإلا فإن الله غني عن العالمين!.
ومما يلحق بطلب العزة عند الكافر وولايتهم من دون المؤمنين: الاعتزاز بالآباء والأجداد الذين ماتوا على الكفر، واعتبار أن بينهم وبين الجيل المسلم نسبا وقرابة! كما يعتز ناس بالفراعنة، والآشوريين، والفينيقيين، والبابليين، وعرب الجاهلية اعتزازا جاهليا، وحمية جاهلية. وروى الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا أبو بكر ابن العباس، عن حميد الكندي عن عبادة بن نسي، عن أبي ريحانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من انتسب إلى تسعة آباء كفار، يريد بهم عزا وفخرا، فهو عاشرهم في النار». ذلك أن آصرة التجمع في الإسلام هي العقيدة، وأن الأمة في الإسلام هي