ولتصفية هذه الخلافات اجتمع في عام ٣٢٥ ميلادية «مجمع نيقية» الذي اجتمع فيه ثمانية وأربعون ألفا من البطارقة والأساقفة. قال عنهم ابن البطريق أحد مؤرخي النصرانية. «وكانوا مختلفين في الآراء والأديان فمنهم من كان يقول: إن المسيح وأمه إلهان من دون الله. وهم «البربرانية». ويسمون «الريمتيين». ومنهم من كان يقول:
إن المسيح من الأب بمنزلة شعلة نار انفصلت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية منها. وهي مقالة «سابليوس». وشيعته. ومنهم من كان يقول: لم تحبل به مريم تسعة أشهر، وإنما مر في بطنها كما يمر الماء من الميزاب، لأن الكلمة دخلت في أذنها، وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها. وهي مقالة «إليان» وأشياعه. ومنهم من كان يقول: إن المسيح إنسان خلق من اللاهوت كواحد منّا في جوهره، وإن ابتداء الابن من مريم، وإنه اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسي، صحبته النعمة الإلهية، وحلت فيه بالمحبة والمشيئة، ولذلك سمي «ابن الله» ويقولون: إن الله جوهر قديم واحد، وأقنوم واحد، ويسمونه بثلاثة أسماء، ولا يؤمنون بالكلمة، ولا بروح القدس. وهي مقالة «بولس الشمشاطي» بطريرك أنطاكية وأشياعه وهم «البوليقانيون» ومنهم من كان يقول: إنهم ثلاثة آلهة لم تنزل: صالح، وطالح، وعدل بينهما. وهي مقالة «مرقيون» اللعين وأصحابه! وزعموا أن «مرقيون» هو رئيس الحواريين وأنكروا «بطرس». ومنهم من كانوا يقولون بألوهية المسيح وهي مقالة «بولس
الرسول» ومقالة الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا.
وقد اختار الإمبراطور الروماني «قسطنطين» الذي كان قد دخل في النصرانية من الوثنية ولم يكن يدري شيئا من النصرانية! هذا الرأي الأخير وسلط أصحابه على مخالفيهم، وشرّد أصحاب سائر المذاهب، وبخاصّة القائلين بألوهية الأب وحده، وناسوتية المسيح. وقد ذكر صاحب كتاب تاريخ الأمة القبطية عن هذا القرار ما نصه:
«إن الجامعة المقدسة والكنيسة الرسولية تحرم كل قائل بوجود زمن لم يكن ابن الله موجودا فيه. وأنه لم يوجد قبل أن يولد. وأنه وجد من لا شئ. أو من يقول: إن الابن وجد من مادة أو جوهر غير جوهر الله الأب. وكل من يؤمن أنه خلق، أو من يقول: إنه قابل للتغيير ويعتريه ظل دوران».
ولكن هذا المجتمع بقراراته لم يقض على نحلة الموحّدين أتباع «آريوس» وقد غلبت