هو جو وظل يغمران هذا الوجود، ويغمران الوجود الإنساني كله ممثلا في ذلك العبد المحب المحبوب .. والتصور الإسلامي يربط بين المؤمن وربه بهذا الرباط العجيب الحبيب .. وليست مرة واحدة ولا فلتة عابرة .. إنما هو أصل وحقيقة وعنصر في هذا التصور أصيل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ..
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ... وغيرها كثير ...
وعجبا لقوم يمرون على هذا كله، ليقولوا: إن التصور الإسلامي تصور جاف عنيف، يصور العلاقة بين الله والإنسان علاقة قهر وقسر، وعذاب وعقاب، وجفوة وانقطاع ... لا كالتصور الذي يجعل المسيح ابن الله وأقنوم الإله. فيربط بين الله والناس، في هذا الازدواج!
إن نصاعة التصور الإسلامي، في الفصل بين حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية، لا تجفف ذلك الندى الحبيب، بين الله والعبيد، فهي علاقة الرحمة كما أنها علاقة العدل، وهي علاقة الود كما أنها علاقة التجريد، وهي علاقة الحب كما أنها علاقة التنزيه .. إنه التصور الكامل الشامل لكل حاجات الكينونة البشرية في علاقتها برب العالمين».