وروى ضمرة بإسناده عن أبي هريرة قال: لما أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يد علي كرم الله وجهه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ثم قال أبو هريرة: وهو يوم غدير خم، ومن صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب الله تعالى له صيام ستين شهرا، وهو حديث منكر جدا، ونص في البداية والنهاية على أنه موضوع. وقد اعتنى بحديث الغدير أبو جعفر بن جرير الطبري، فجمع فيه مجلدين أورد فيهما سائر طرقه وألفاظه، وساق الغثّ والسمين، والصحيح والسقيم على ما جرت به عادة كثير من المحدثين، فإنهم يوردون ما وقع لهم في الباب من غير تمييز بين صحيح وضعيف، وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم
ابن عساكر، أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة والمعول عليه فيها ما أشرنا إليه، ونحوه مما ليس فيه خبر الاستخلاف كما يزعمه الشيعة. وعن الذهبي أن من كنت مولاه فعلي مولاه متواتر يتيقن أن رسول الله قاله، وأما اللهم وال من والاه، فزيادة قوية الإسناد، وأما صيام ثماني عشرة ذي الحجة فليس بصحيح- ولا والله ما نزلت تلك الآية إلا يوم عرفة قبل غدير خم بأيام.
والشيخان لم يرويا خبر الغدير في صحيحيهما لعدم وجدانهما له على شرطهما، وزعمت الشيعة أن ذلك لقصور وعصبية فيهما وحاشاهما من ذلك».
أقول: موضوع المفاضلة بين الخلفاء الرّاشدين، أو موضوع كون الخلافة محصورة بعلي رضي الله عنه وبأبنائه قضيتان أدخلهما علماء الشيعة في مباحثهم الأصولية وسيبقى أهل السنة والجماعة مستمرين على تحقيقهم وهو الحق، وسيبقى الشيعة مستمرين على تحقيقهم، ونحن نطالب كل الناس بالإنصاف وقبول التحقيق العلميّ النّزيه، ونطالب في الوقت نفسه ألا يكون لموضوع تاريخي غير عمليّ في مرحلتنا الحاضرة تأثيره على وحدة المسلمين لصالح أعدائهم عامّة.
والذي أراه للمستقبل في موضوع الخلافة أن تعطى الحرية لكل اتجاه إسلامي، في تأسيس حزب له على أساس آرائه في هذا الموضوع، وأن يقدّم كل حزب مرشحه للأمة ضمن القواعد المتفق عليها، والأمّة هي التي تختار، ومن اختارته فعلى الجميع أن يبايعوه، وأن يلتزموا بطاعته، مع استمرارهم في الدعوة إلى مرشحهم، أو إلى غيره لمرحلة لاحقة، على حسب اللوائح الدستورية المنبثقة عن الشورى، على ضوء الكتاب والسنة.