للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذكر فيها الخبائث يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ ففي هذه الفقرة تبيان لبعض ما أخذ علينا العهد باجتنابه، وحكمة ذلك، وما أبيح لنا بعد ذلك، ومن الكلام عما أحل لنا وحرم، وعن أكل الطيبات يأتي الكلام عن الصيد للمحرم، وعما يجوز له من صيد البحر.

وعن حكمة بعض الأمور في الحج. ومن ذلك ينتقل السياق إلى كراهية السؤال عمّا لم يرد فيه تحريم ابتداء، ليصل إلى بعض ما حرّم أهل الجاهلية على أنفسهم مما لم ينزل به الله سلطانا. فالسياق لا زال في قضايا التحريم والتحليل مما له صلة بقضايا الطعام، وإذ قرّرت السورة طريق الهداية والضلال، فإنّ آية تأتي لتبيّن أن ضلال الضالّين لا يضرّنا إن كنّا مهتدين. ثم تأتي فقرة أخيرة في المقطع حول الوصيّة في بعض الأحوال والشهادة والأيمان. والملاحظ أن الفقرة الأولى في هذا المقطع ذكرت فيها الأيمان، وأن الفقرة الأخيرة ذكرت فيها الأيمان ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ فكأن المقطع كله في قضايا ينبغي أن تراعى، مما هو نوع نقض لميثاق مع الله، أو هو شرح لبعض الحالات التي يتمّ فيها توثيق أمام الله، وما هي المخارج في ذلك إن المقطع يحدّثنا عن أمور لو فعلها الإنسان يفسق عن أمر الله- عزّ وجل- وعن أمور هي من نوع نقض الميثاق، أو من قطع ما أمر الله به أن يوصل.

إنّ ابتداء المقطع بذكر الأيمان، وانتهائه بذكر الأيمان، يدّل على أنّه مقطع واحد، وانتهاء المقطع بقوله تعالى: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ وصلة ذلك بقوله تعالى في المحور وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ لدليل على أنّ المقطع يفصّل في المحور.

رأينا فيما مرّ قضيتين: صلة آيات المقطع ببعضها، وصلة المقطع بمحور السورة من البقرة. ولنلاحظ الآن ما يلي: لم يبق معنا بعد هذا المقطع إلا خاتمة السورة فكأنّ هذا المقطع هو المقطع الأخير. فلنلاحظ صلة هذا المقطع بأول مقطع في سورة المائدة.

بدأت سورة المائدة بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ وفي هذا المقطع ترى حكم الأيمان المنعقدة، وفي المقطع الأول في الآية الأولى منه جاء قوله تعالى: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وهاهنا يأتي تفصيل لموضوع صيد المحرم.

وفي المقطع الأول تأتي الآية الثانية منه وفيها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ ويأتي في هذا المقطع قوله تعالى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ وفي المقطع

<<  <  ج: ص:  >  >>