للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الجميع هو هذا الدين الواحد الذي يحمله ذلك الرهط الكريم.

إنه مشهد رائع كذلك؛ يبدو من خلال قول الله تعالى لرسوله الكريم بعد استعراض الموكب العظيم: ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ. قُلْ: لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً، إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ.

وبعد استعراض هذا الموكب الجليل يأتي التنديد بمن يزعمون أن الله لم يرسل رسلا، ولم ينزل على بشر كتابا .. إنهم لم يقدروا الله حق قدره. فما قدر الله حق قدره من يقول: إنه- سبحانه- تارك الناس لأنفسهم وعقولهم وما يتعاورها من الأهواء والشهوات والضعف والقصور. فما يليق هذا بألوهية الله وربوبيته، وعلمه وحكمته، وعدله ورحمته .. إنما اقتضت حكمة الله وعلمه ورحمته وعدله أن يرسل إلى عباده رسلا، وأن ينزل على بعض الرسل كتبا، ليحاولوا جميعا هداية البشر إلى بارئها، واستنقاذ فطرتها من الركام الذي يرين عليها، ويغلق منافذها، ويعطل أجهزة الالتقاط والاستجابة فيها .. ويضرب مثلا الكتاب الذي أنزل على موسى. وهذا الكتاب الذي يصدق ما بين يديه من الكتب جميعا ..

وينتهي الدرس الطويل المتلاحم الفقرات باستنكار الافتراء ممن يفتري على الله، وادعاء من يزعم أنه يوحى إليه من الله، وادعاء القدرة على تنزيل مثل ما أنزل الله ..

وهي الدعاوى التي كان يدّعيها بعض من يواجهون الدعوة الإسلامية، وفيهم من ادعى الوحي وفيهم من ادعى النبوة.

وفي الختام يأتي مشهد الاحتضار المكروب للمشركين:

وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ، وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ* وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ! لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ، وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.

وهو مشهد كئيب مكروب رعيب، يجلله الهون، ويصاحبه التنديد والتأنيب جزاء

<<  <  ج: ص:  >  >>