للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول لقومه استمروا على طريقتكم وناحيتكم إن كنتم تظنّون أنّكم على هدى، فأنا مستمر على طريقتي ومنهجي، وسوف تعلمون لمن تكون عاقبة الدار، أتكون لي أو لكم، مع العلم أن الظالمين لا يفلحون وأنتم كذلك. وفي هذا الإعلان تهديد شديد، ووعيد لهم، وقد أنجز الله وعده لرسوله صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا وهو منجز له وعده في الآخرة، وبهذا تنتهي الفقرة الثانية في المقطع الأول من القسم الثاني.

في مقدمة المقطع كان الكلام عن الله وقدرته وعنايته بخلقه.

وفي الفقرة الأولى قصّ الله علينا كيف أنه مع كل هذا فقد جعلوا له شركاء.

وفي الفقرة الثانية بيّن لنا أنّ الكافرين أقسموا إن جاءتهم آية ليؤمننّ بها.

وتأتي الآن الفقرة الثالثة لتقصّ علينا من أفعال الكافرين وهي مبدوءة ب وَجَعَلُوا .... الفقرة الأولى مبدوءة بقوله تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ ....

والفقرة الثانية مبدوءة بقوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ....

والفقرة الثالثة وهي الأخيرة في هذا المقطع مبدوءة بقوله تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ....

لقد بيّن الله- عزّ وجل- في الفقرة الأخيرة كيف أنّ المشركين ابتدعوا بدعا وكفرا وشركا، وجعلوا لله شريكا من خلقه وهو خالق كل شئ. فجعلوا لله مما خلق وبرأ من الزروع والثمار والأنعام جزءا وقسما، وجعلوا لشركائهم قسما وحظا فما كان من حرث أو ثمرة أو شئ من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه- وما كان لله- في زعمهم- لم يحصوه ولم يحفظوه بل يجعلوه للوثن، فحقوق شركائهم محفوظة- وحق الله الذي ابتدعوه له ولم يشرعه لهم ضائع مع أنّهم هم الذين اخترعوه، فما أسوأ أحكامهم، وما أجهلهم بخالقهم وحقوقه! لم يعرفوا أنّ الله خالق كل شئ وهو مالكه، ولم يتصرفوا بملكه على الوجه الذي يرضيه، ولم يجعلوا له ما شرعه وأشركوا معه غيره، ثم حفظوا حق غيره وضيّعوا ما أعطوه من حقوق ابتدعوها، فأي جهل بالله أكبر، وكما زينت الشياطين لهؤلاء أن يجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا على طريقتهم التي رأيناها، كذلك زينوا لهم قتل أولادهم خشية الإملاق، وزينوا لهم وأد البنات خشية العار؛ ليهلكوهم بذلك؛ وليخلطوا عليهم دين الله الذي هو دين الفطرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>