بخصائص الربوبية على البهائم المغلوبة على أمرها، ويبلغون أهدافهم كلها من إطلاق هذه الموجات المسعورة في كل مكان .. أهدافهم من تلهية العالم كله بهذا السعار؛ وإشاعة الانحلال النفسي والخلقي من ورائه، وإفساد الفطرة البشرية، وجعلها ألعوبة في أيدي مصممي الأزياء والتجميل! ثم تحقيق الأهداف الاقتصادية من وراء الإسراف في استهلاك الأقمشة وأدوات الزينة والتجميل وسائر الصناعات الكثيرة التي تقوم على هذا السعار وتغذيه.
إن قضية اللباس والأزياء ليست منفصلة عن شرع الله ومنهجه للحياة. ومن ثم ذلك الربط بينها وبين قضية الإيمان والشرك في السياق.
إنها ترتبط بالعقيدة والشريعة بأسباب شتى: إنها تتعلق- قبل كل شئ- بالربوبية، وتحديد الجهة التي تشرع للناس في هذه الأمور، ذات التأثير العميق في الأخلاق والاقتصاد وشتى جوانب الحياة. كذلك تتعلق بإبراز خصائص «الإنسان» في الجنس البشري، وتغليب الطابع «الإنساني» في هذا الجنس على الطابع الحيواني. والجاهلية تمسخ التصورات والأذواق والقيم والأخلاق، وتجعل العري- الحيواني- تقدما ورقيا. والستر- الإنساني- تأخرا ورجعية! وليس بعد ذلك مسخ لفطرة الإنسان وخصائص الإنسان.
وبعد ذلك عندنا جاهليون يقولون: ما للدين والزي؟ ما للدين وملابس النساء؟
وما للدين والتجميل؟ .. إنه المسخ الذي يصيب الناس في الجاهلية في كل زمان وكل مكان!!!
ولأن هذه القضية التي تبدو فرعية، لها هذه الأهمية في ميزان الله وفي حساب الإسلام، لارتباطها أولا بقضية التوحيد والشرك، ولارتباطها ثانيا بصلاح فطرة الإنسان وخلقه ومجتمعه وحياته، أو بفساد هذا كله .. فإن السياق يعقب عليها بإيقاع قوي مؤثر، يوقع به عادة في مواقف العقيدة الكبيرة .. إنه يعقب بتنبيه بني آدم، إلى أن بقاءهم في هذه الأرض محدود مرسوم؛ وأنه إذا جاء الأجل فلا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ إنها حقيقة أساسية من حقائق هذه العقيدة، يوقع بها السياق على أوتار القلوب الغافلة، غير الذاكرة ولا الشاكرة، لتستيقظ فلا يغرها امتداد الحياة.