فالسورة تتألف من ثلاثة أقسام، ونحن الآن سنبدأ عرض القسم الثاني، والمقطع الأول فيه يتحدث- كما قلنا- عن قصص أقوام: نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، وفيه كذلك تعقيب على قصص هؤلاء الأقوام، وفي هذا التعقيب عرض لبعض سنن الله في الأمم التي ينزل عليها وحيا
وصلة المقطع في سياق السورة أنه يقص علينا قصص أقوام أنزل عليهم وحي، وكيف كان موقفهم من هذا الوحي، وكيف فعل الله عزّ وجل بهم، وصلة ذلك بمحور السورة من البقرة فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ إن صلة ذلك بمحور السورة من سورة البقرة لا تخفى.
يأتي إذن المقطع الأول من القسم الثاني وفيه قصص: نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، عليهم السلام وكل منهم قد دعا قومه إلى الله عزّ وجل، ولذلك صلة بما تقدمه من معان وفي ذلك يقول صاحب الظلال:
«إن موكب الإيمان الذي يسير في مقدمته رسل الله الكرام، مسبوق في السياق بموكب الإيمان في الكون كله. في الفقرة السابقة مباشرة إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ، يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ، أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.
وإن الدينونة لهذا الإله، الذي خلق السماوات والأرض، والذي استوى على العرش، والذى يحرك الليل ليطلب النهار، والذي تجري الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، والذي له الخلق والأمر. إن الدينونة لهذا الإله وحده هي التي يدعو إليها الرسل كافة. هي التي يدعون إليها البشرية كلها، كلما قعد لها الشيطان على صراط الله فأضلها عنه؛ وردها إلى الجاهلية التي تتبدى في صور شتى؛ ولكنها كلها تتسم بإشراك غير الله معه في الربوبية، والمنهج القرآني يكثر من الربط بين عبودية هذا الكون لله. ودعوة البشر إلى الاتساق مع الكون الذي يعيشون فيه؛ والإسلام لله الذي