للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف كتبت؟ فلا يعنينا هذا في شئ بما أنه لم يرد عنها من النصوص الصحيحة شئ يختص بموضوع الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة لإصلاح حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد سواء».

وفي الآية التي مرت معنا أمر ووعد أما الأمر فهو قوله تعالى:

فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها وأما الوعد فهو قوله تعالى سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ.

وقد قال صاحب الظلال في هذا وهذا:

قال عند قوله تعالى: فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها.

(والأمر الإلهي الجليل لموسى عليه السلام أن يأخذ الألواح بقوة وعزم، وأن يأمر قومه أن يأخذوا بما فيها من التكاليف الشاقة بوصفه الأحسن لهم والأصلح لحالهم .. هذا الأمر على هذا النحو فضلا على أنه يشي بضرورة هذا الأسلوب في أخذ هذه الطبيعة الإسرائيلية التي أفسدها الذل وطول الأمد، بالعزم والجد، لتحمل تكاليف الرسالة والخلافة، فإنه كذلك يوحي بالمنهج الواجب في أخذ كل أمة لكل عقيدة تأتيها ..

إن العقيدة أمر كبير عند الله سبحانه وأمر هائل في حساب هذا الكون، وقدر الله الذي يصرفه، وأمر هائل في تاريخ «الإنسان» وحياته في هذه الأرض وفي الدار الآخرة كذلك .. والمنهج الذي تشرعه العقيدة في وحدانية الله- سبحانه- وعبودية البشر لربوبيته وحده، منهج يغير أسلوب الحياة البشرية بجملتها، ويقيم هذه الحياة

على أسلوب آخر غير الذي تجري عليه في الجاهلية، حيث تقوم ربوبية غير ربوبية الله سبحانه، ذات منهج للحياة كلها غير منهج الله الذي ينبثق من تلك العقيدة.

وأمر له هذه الخطورة عند الله، وفي حساب الكون، وفي طبيعة الحياة وفي تاريخ الإنسان. يجب أن يؤخذ بقوة، وأن تكون له جديته في النفس، وصراحته وحسمه، ولا ينبغي أن يؤخذ في رخاوة، ولا في تميع، ولا في ترخيص، ذلك أنه أمر هائل في ذاته، فضلا على أن تكاليفه باهظة لا يصبر عليها من طبيعته الرخاوة والتميع والترخص، أو من يأخذ الأمر بمثل هذه المشاعر ..

وليس معنى هذا- بطبيعة الحال- هو التشدد والتعنت والتعقيد والتقبض. فهذا ليس من طبيعة دين الله .. ولكن معناه الجد والهمة والحسم والصراحة .. وهي صفات

<<  <  ج: ص:  >  >>