للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهد القديم والجديد نادرا ما تجد غريبا عليك، إذا كنت قد قرأت القرآن، هذا مع البعد عن التناقض، ومع العرض العظيم الذي لا تنتهي عجائبه، مما يحقق مجموعة أهداف بآن واحد، ومع كون القرآن هو الصيغة الكاملة للحق، والصيغة الوحيدة للأحداث كما هي، محررة مما طرأ عليها من عوادي التحريف. ذكر معجم لاروس في اللغة الفرنسية كلاما كثيرا عما يسمى الكتاب المقدس بقسميه العهد القديم والعهد الجديد، ومما يقوله عن العهد القديم أن أول ترجمة إلى الإغريقية كانت ترجمة اشترك فيها (٧٢) عالما عبريا، وعرفت ترجمتهم باسم الترجمة السبعينية. ثم قال: وفي القرن الرابع الميلادي ترجم العهد القديم إلى اللاتينية من قبل القديس جيروم بعد أن صحح الترجمة السبعينية، ثم قال عن ترجمة جيروم: أنها اعتبرت مزيفة من قبل اليهود والبروتستانت ثم يقول: إن مصلحي القرن السادس عشر رفضوها مع ملاحظة أن هذه الترجمة هي الأصل المعتمد لدى الكنيسة خلال العصور حتى ظهور البروتستانت، ولا زالت معتمدة لدى الكاثوليك حتى الآن، فإذا عرفنا هذا، وعرفنا أن ما يعتمده يهود السامرة غير ما يعتمده بقية اليهود في التوراة وغيرها. وعرفنا أن هذه الأسفار كلها هي كتابة المتأخرين من اليهود، وأن كثيرا من التوراة الأصلية قد ضاع من اليهود، حتى في زمن دولتهم وسلطانهم. ثم عثروا عليها في زعمهم في أواخر دولتهم كما سنرى.

وإذا عرفنا أن هذه الأسفار كتبت من المحفوظات في أواخر أيام السبي البابلي، أدركنا القيمة الحقيقية لهذه الكتب، فإذا ما رأينا هذا القرآن يقدم لنا الحق الخالص، بالوضوح الكامل لكل ما يلزم الإنسان أن يعرفه من وحي الله القديم، أو قصص السابقين، أدركنا عظمة هذا القرآن، وعرفنا كيف أن الله أغنانا بهذا القرآن، وبما أوحاه لنا عن كل وحي سابق، وعن كل كتاب سابق، ولولا فتنة عصرنا، وإذن رسولنا أن نتحدث عن بني إسرائيل، ولولا أننا نجد أحيانا بقايا من الحق في كتبهم لما سمحنا لأنفسنا أن ننظر أو أن نكتب أو أن ننقل.

ولنرجع إلى موضوع المقطع: إن أواخر سفر الخروج لها علاقة في مقطعنا: من خروج موسى إلى الجبل لميقات ربه، وذهاب السبعين، وأخذ الألواح، وعبادة العجل، وكسر الألواح أول مرة، وكتابة نسخة ثانية بدلا عنها، وطلبه النظر إلى وجه الله. ولكن كل ذلك باضطراب، وعدم وضوح، وكذب كثير، ونقص كثير، ففي هذا السفر ينسبون إلى هارون- كذبا- أنه هو الذي صنع لهم عجل الذهب، وعبده معهم، ولكنهم يذكرون كيف أنهم قتلوا أنفسهم توبة، والموقف الذي فيه ما حدث

<<  <  ج: ص:  >  >>