للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ، أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ؟.

وأعقب هذا المشهد مشهد الذي ينسلخ من هذا العهد، كما ينسلخ من العلم بآيات الله بعد إذ أراه إياها .. وهو مشهد مثير .. وفيه لمسات قوية للتنفير من هذا الانسلاخ والتحذير من مآله المنظور: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا، فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ* وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ. فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ* ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا. فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ* ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا، وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ.

ثم بيان لطبيعة الهدى وطبيعة الكفر. يكشف عن أن الكفر إذا تعطل في أجهزة الفطرة يحول دون تلقي هدى الله، وينتهي بالخسارة المطلقة: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي، وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ* وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها. أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ. أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ.

تعقب هذا البيان لفتة إلى المشركين الذين كانوا يواجهون دعوة الإسلام في مكة بالتكذيب، ويلحدون في أسماء الله فيشتقون منها أسماء الآلهة المفتراة. وتهديد لهم باستدراج الله. ودعوة لهم كذلك أن يتفكروا تفكرا عميقا بعيدا عن الهوى في أمر صاحبهم الذي يدعوهم إلى الهدى صلى الله عليه وسلم فينبزونه بأن به جنة! وإلى أن ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما في صفحات الوجود من موحيات الهدى؛ ولمسة لهم بالموت الذى يترقبهم وهم عنه غافلون:

وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ. سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ* وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ* أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ، إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ، وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ* مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ، وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.

ومواجهة كذلك لهؤلاء المشركين في تكذيبهم بالساعة، وسؤالهم عن موعدها ..

<<  <  ج: ص:  >  >>