والحربة قد أخذها بذراعه، واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحيته، وكان بكر العيزار، وجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون، فحسب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون- فيما بين أن أصاب زمري المرأة إلى أن قتله فنحاص- فوجدوه قد هلك منهم سبعون ألفا. والمقلل لهم يقول عشرون ألفا في ساعة النهار، فمن هنا لك تعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص من كل ذبيحة ذبحوها الرقبة والذراع واللحى، والبكر من كل أموالهم وأنفسها، لأنه كان بكر أبيه العيزار، ففي بلعام بن باعوراء أنزل الله:
فإذا استوعبنا هذه الرواية مع تحفظنا على بعض ما ورد فيها فلننظر بعض ما ورد في الإصحاحات المذكورة لتكتمل في أذهاننا القصة ورواية ابن إسحاق هي التي
تفسر ما ورد بعد من قتل بلعام، كما أنها تخلص من التناقضات الكثيرة الموجودة في الأسفار، فهي تارة تزعم أن الله سمح لبلعام أن ينطلق مع وفد الملك، وتارة تزعم أن الله غضب لأنه انطلق معهم، في الإصحاح الثاني والعشرين (فأتى الله إلى بلعام ليلا وقال له إن أتى الرجال ليدعوك فقم اذهب معهم إنما تعمل الأمر الذي أكلمك به فقط. فقام بلعام صباحا وشد على أتانه وانطلق مع رؤساء موآب فحمي غضب الله لأنه منطلق) فكيف يأمره الله بالذهاب ثم يغضب لذهابه، وفي الإصحاحات نجد أن الله لا يجري على لسان بلعام إلا الدعاء لموسى ومن معه، والتبشير بانتصاره، فلماذا يقتل إذن من قبل موسى وجنده بعد ذلك. إن رواية ابن إسحاق- وهي حتما مأخوذة عن نسخ قديمة للأسفار- هي التي تعطي تعليلا لمقتل بلعام، لولا أن فيها مبالغة أن فنحاص قد رفع الزانية والزاني على رمحه، هذا مع ملاحظة أن ما ذكره ابن إسحاق هو تلخيص واقعي للإصحاحات، ولنكتف بنقل رواية الإصحاح الخامس والعشرين من سفر العدد لأنها تؤيد رواية ابن إسحاق.
وندلل على أن نقل ابن إسحاق كان من نسخة أخرى لهذه الأسفار للمطابقة بين ما فيه وفيها دون الربط بين قصة بلعام وانتشار الزنى، الذي تمتاز به رواية ابن إسحاق، ومجريات الحوادث بعد ذلك تؤكد رواية ابن إسحاق وتصدقها.
قال الإصحاح الخامس والعشرون: وأقام إسرائيل في شطيم وابتدأ الشعب يزنون مع