للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين بفعل الله لهم لتنفذ هذه الأوامر بملء الثقة وبكامل الطاعة.

ولا شك أن الأمة الإسلامية فرطت كثيرا في شأن القوة العسكرية. ولكن هذا لا يعفى من البداية الصحيحة.

مما مر ندرك صلة المقطع بالآية التي قبله مباشرة، ومن قبل عرضنا ما له صلة بوحدته، فلقد انتهى المقطع بالكلام عما فعل الله للمسلمين في بدر، وذلك بعد الآية التي أمرت المسلمين بتخميس الغنائم، مما يشير إلى أن تخميس الغنائم مظهر من مظاهر شكر الله على فعله وإنعامه، وقد جاء الأمر بتخميس الغنائم بعد الأمر بالقتال، لأن الغنائم أثر من آثار الحركة الجهادية، والأمر بالقتال قد جاء وفيه تعليل لسبب فرضية القتال، وهي فتنة المؤمنين عن دين الله، ومن قبل ذكر الله عزّ وجل مجموعة من أفعال الكافرين التي تقتضي قتالهم من مثل مكرهم بالمؤمنين، وكبرهم وعنادهم، ومن مثل صدهم عن سبيل الله، وإنفاقهم الأموال من أجل ذلك، وكل ذلك يسبب فتنة المؤمنين عن دينهم، ولا تزول هذه الفتنة إلا بقتال، وإلا إذا كانت كلمة الله هي العليا، فالمقطع له وحدته، وهو مرتبط بالآية التي قبله مباشرة، وهو بمثابة المقدمة للمقطع اللاحق، الذي يعود السياق فيه إلى طريقة الخطاب المباشر بصيغة يا أَيُّهَا* للمؤمنين ولرسول الله صلى الله عليه وسلم

وأما محله في السياق القرآني العام فواضح:

فمحور السورة هو ما رأيناه من سورة البقرة كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ ... * يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ... إن المقطع يعلل لفرضية القتال، ويبين الطريق لإزالة الفتنة التي هي أكبر من القتل، ويبين أن المشركين ليسوا أصحاب الحق في المسجد الحرام.

فلنلاحظ الصلة بين قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وبين قوله تعالى وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ ... وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً ثم مع قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثم قوله تعالى وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ* إن المقطع شديد التلاحم مع بعضه، شديد التلاحم مع الآية التي سبقته، شديد التلاحم مع مقدمة السورة وقسمها الأول، شديد التلاحم مع المحور.

<<  <  ج: ص:  >  >>