للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه مفوض إلى رأي الإمام، كما يشعر به كلام خليل، وبه صرح ابن الحاجب فقال:

ولا يخمس لزوما، بل يصرف منه لآله عليه الصلاة والسلام بالاجتهاد، ومصالح المسلمين، ويبدءون استحبابا- كما نقل التتائي عن السنباطي- بالصرف على غيرهم، وذكر أنهم بنو هاشم، وأنهم يوفر نصيبهم لمنعهم من الزكاة حسبما يرى من قلة المال وكثرته، وكان عمر بن عبد العزيز يخص ولد فاطمة رضي الله عنها كل عام باثني عشر ألف دينار سوى ما يعطي غيرهم من ذوي القربى، وقيل يساوي بين الغني والفقير، وهو فعل أبي بكر رضي الله عنه، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطي حسب ما يراه، وقيل: يخير لأن فعل كل من الشيخين حجة.

وقال عبد الوهاب: إن الإمام يبدأ بنفقته ونفقة عياله بغير تقدير، وظاهر كلام الجمهور أنه لا يبدأ بذلك، وبه قال ابن عبد الحكم، والمراد بذكر الله سبحانه عند هذا الإمام أن الخمس يصرف في وجوه القربات لله تعالى. والمذكور بعد ليس للتخصيص بل لتفضيله على غيره، ولا يرفع حكم المعمول الأول بل هو قار على حاله، وذلك كالعموم الثابت للملائكة، وإن خص جبريل وميكائيل عليهما السلام بعد. ومذهب الشافعي رضي الله عنه في قسمة الغنيمة أن يقدم من أصل المال السلب، ثم يخرج منه حيث لا متطوع مئونة الحفظ والنقل وغيرهما، من المؤن اللازمة للحاجة إليها، ثم يخمس الباقي، فيجعل خمسة أقسام متساوية، ويكتب على رقعة لله تعالى، أو للمصالح، وعلى رقعة للغانمين، وتدرج في بنادق، فما خرج لله تعالى قسم على خمس مصالح المسلمين، كالثغور والمشتغلين بعلوم الشرع وآلاتها، ولو مبتدءين، والأئمة والمؤذنين ولو أغنياء، وسائر من يشتغل عن نحو كسبه بمصالح المسلمين؛ لعموم نفعهم، وألحق بهم العاجزون عن الكسب، والعطاء إلى رأي الإمام معتبرا سعة المال وضيقه، وهذا هو السهم الذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، وكان ينفق منه على نفسه وعياله، ويدخر منه مئونة سنة، ويصرف الباقي في المصالح، وهل كان عليه الصلاة والسلام مع هذا التصرف مالكا لذلك أو غير مالك؟ قولان: ذهب إلى الثاني الإمام الرافعي، وسبقه إليه جمع متقدمون. قال: إنه عليه الصلاة والسلام مع تصرفه في الخمس المذكور لم يكن يملكه، ولا ينتقل منه إلى غيره إرثا. ورد بأن الصواب المنصوص أنه كان يملكه. وقد غلط الشيخ أبو حامد من قال: لم يكن صلى الله عليه وسلم يملك شيئا، وإن أبيح له ما يحتاج إليه. وقد يؤول كلام الرافعي بأنه لم ينف الملك المطلق بل الملك المقتضي للإرث عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>