والذكر، وهم الذين اجتمعت لهم معاني الإيمان، والصلاة، والزكاة، ولم يخشوا إلا الله، فهؤلاء هم المهتدون الجديرون بمساجد الله، وليحطم الله عزّ وجل كل مظهر من مظاهر الشرك، وليحطم دعاوى المشركين في زعمهم أنهم على خير بسبب بعض صور الخير التي يفعلونها، وحتى لا يتوهم المسلمون ويخدعون ببعض صور الأعمال، بين تعالى أنه لا يستوي أهل الإيمان والجهاد بأهل سقاية الحج، وسكن المسجد الحرام، مع الشرك، ثم بين أن المؤمنين المجاهدين هم الفائزون وهم المبشرون بالجنة والرضوان.
وبهذه المعاني ينتهي المقطع الأول من هذا القسم وقد استقر فيه وجوب البراءة من المشركين، ووجوب قتلهم وقتالهم أينما كانوا وحيثما كانوا، وكيف ظهروا ومهما كانت أعمالهم.
ثم يأتي المقطع الثاني في هذا القسم وفيه يأمر الله تعالى بمباينة الكفار، وإن كانوا آباء أو أبناء، كما نهى عن موالاتهم ما داموا قد اختاروا الكفر على الإيمان. ثم توعد جل جلاله من آثر أهله وقرابته وعشيرته، أو آثر الأزواج والأولاد والأموال والتجارة والمسكن على حب الله ورسوله والجهاد في سبيله أن ينتظر ما يحل به من العقاب والنكال.
فلا ولاء إلا لله ولرسوله وللمؤمنين. ولا شئ مقدم على حب الله والرسول وحب الجهاد.
وفي هذا السياق يحذر جل جلاله من العجب والاغترار بالكثرة من خلال ما حدث يوم حنين، كما يأمر بالتوكل من خلال هذه القصة.
وهكذا يتقرر في هذا المقطع مجموعة أمور كلها مهم في موضوع القتال.
ثم يأتي المقطع الثالث: فيقرر أن المشركين نجس، وأن على المؤمنين أن ينفوا المشركين عن المسجد الحرام، وأن يمنعوهم من قربانه، وحتى لا يخشى المسلمون من
انقطاع مورد من موارد الرزق عنهم بسبب منع المشركين من الحج إلى المسجد الحرام، فقد وعدهم الله أن يغنيهم من فضله، وبهذا تكون قد اتضحت أحكام الشرك والمشركين في وجوب قتالهم ومنعهم من الحج، ليأتي الأمر بقتال أهل الكتاب الذين لهم أحكام خاصة، فالمشركون العرب ليس أمامهم إلا الإسلام أو الاستئصال، فأما أهل الكتاب فالأمر في حقهم أوسع، فإما القتل، وإما الإسلام، وإما الجزية، وقد ذكر الله