حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة فقال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أجله ومدته إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله برئ من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد عامنا هذا مشرك، قال:
فكنت أنادي حتى صحل صوتي.
روى محمد بن إسحاق .. عن أبي جعفر محمد بن الحسين قال: لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان بعث أبا بكر ليقيم الحج للناس، فقيل: يا رسول الله لو بعثت إلى أبي بكر. فقال «لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي». ثم دعا عليا فقال:
«اذهب بهذه القصة من سورة براءة، وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى: أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلى مدته» فخرج علي رضي الله عنه على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر في الطريق، فلما رآه أبو بكر قال: أمير أو مأمور؟ فقال: بل مأمور، ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية، حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب فأذن بالناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إنه لا يدخل الجنة كافر، فلم يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلى مدته. ولا يحج بعد ذلك العام مشرك، ولم يطف بالبيت عريان، ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام، وأهل المدة إلى الأجل المسمى.
روى ابن جرير .. عن أبي الصهباء البكري قال: سألت عليا عن الحج الأكبر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر بن أبي قحافة يقيم للناس الحج، وبعثني معه بأربعين آية من براءة، حتى أتى عرفة فخطب الناس يوم عرفة، فلما قضى خطبته التفت إلي فقال: قم يا علي فأد رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من براءة، ثم صدرنا فأتينا منى، فرميت الجمرة ونحرت البدنة، ثم حلقت رأسي، وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا كلهم حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة، فطفت أتتبع بها الفساطيط أقرأها عليهم، فمن ثم إخال حسبتم أنه يوم النحر، ألا وهو يوم عرفة».
٤ - وفي تفسير قوله تعالى يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ خلاف حول هل هو يوم النحر أو