للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ففي قوله تعالى يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ معجزة كشف عنها علم مقارنة الأديان- كما سنرى- إنه لم يكن من المعروف في جزيرة العرب ديانات قديمة، تقول بأن لله ابنا- تعالى الله عن قولهم- فإن يسجل القرآن ذلك، ثم يكون الأمر على ذلك، فتلك معجزة لا شك فيها، ونحن سننقل في هذه الفائدة ثلاثة نقول حول الآية: نقلا عن الألوسي في تحديد الجهة التي قالت عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ من اليهود، ونقلا عن الظلال في المضاهاة التي أخبرنا الله عنها، ونقلا عن أبي زهرة يقارن فيه بين نصوص كتب النصارى وكتب البراهمة والبوذيين.

ا- قال الألوسي في تحديد القائل: عزير ابن الله.

وقيل: قائل ذلك جماعة من يهود المدينة منهم سلام بن مشكم. ونعمان بن أبي أوفى. وشاس بن قيس. ومالك بن الصيف. أخرج ابن أبي حاتم. وأبو الشيخ. وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله؟ وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أن قائل ذلك فنحاص بن عازوراء وهو على ما جاء في بعض الروايات القائل: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ.

أقول: تحدث صاحب الظلال في صفحات كثيرة من ظلاله عن عُزَيْرٌ ومكانته عند يهود ونقل كلام السيد رشيد رضا في تفسير المنار في ذلك وهو موضوع يحسن الاطلاع عليه، ويبدو لي أن القائلين ببنوة عزير لله- تعالى الله عن ذلك- طائفة من يهود تأثرت بالعقلية النصرانية في ذلك.

ب- قال صاحب الظلال عند قوله تعالى في الآية يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ (ولقد كان المفسرون يقولون عن هذه الآية: إن المقصود بها أن قولتهم ببنوة أحد لله، تماثل قول المشركين العرب ببنوة الملائكة لله .. وهذا صحيح ... ولكن دلالة هذا النص القرآني أبعد مدى. ولم يتضح هذا المدى البعيد إلا حديثا بعد دراسة عقائد الوثنيين في الهند ومصر القديمة والإغريق. مما اتضح معه أصل العقائد المحرفة عند أهل الكتاب- وبخاصة النصارى- وتسربها من هذه الوثنيات إلى تعاليم «بولس الرسول» أولا؛ ثم إلى تعاليم المجامع المقدسة أخيرا ...

<<  <  ج: ص:  >  >>