للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقبل هو وابن امرأته مصعب من قباء، فقال الجلاس: إن كان ما جاء به محمد حقا فنحن أشر من حمرنا هذه التي نحن عليها، فقال مصعب: أما والله يا عدو الله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وخفت أن ينزل في القرآن، أو تصيبني قارعة، أو أن أخلط بخطيئته، فقلت: يا رسول الله، أقبلت أنا والجلاس من قباء، فقال كذا وكذا، ولولا مخافة أن أخلط بخطيئته أو تصيبني قارعة ما أخبرتك، قال:

فدعا الجلاس فقال: «يا جلاس أقلت الذي قاله مصعب؟» فحلف، فأنزل الله يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا الآية. وقال محمد بن إسحاق: كان الذي قال تلك المقالة- فيما بلغني- الجلاس بن سويد بن الصامت، فرفعها عليه رجل كان في حجره، يقال له عمير بن سعد، فأنكرها، فحلف بالله ما قالها، فلما نزل فيه القرآن تاب ونزع، وحسنت توبته، فيما بلغني. وقال ابن جرير .. عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل شجرة، فقال: «إنه سيأتيكم إنسان، فينظر إليكم بعيني الشيطان، فإذا جاء فلا تكلموه» فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «علام تشتمني أنت وأصحابك؟» فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا، حتى تجاوز عنهم فأنزل الله عزّ وجل يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا الآية. وقوله تعالى: وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا قيل: أنزلت في الجلاس بن سويد، وذلك أنه هم بقتل ابن امرأته حين قال لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل في عبد الله بن أبي، هم بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال السدي: نزلت في أناس أرادوا أن

يتوجوا عبد الله ابن أبي وإن لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ورد أن نفرا من المنافقين هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو في غزوة تبوك، في بعض تلك الليالي، في حال السير، وكانوا بضعة عشر رجلا، قال الضحاك: ففيهم نزلت هذه الآية، وذلك بين فيما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة .. عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقود به، وعمار يسوق الناقة- أو أنا أسوقه وعمار يقوده- حتى إذا كنا بالعقبة، فإذا أنا باثني عشر راكبا قد اعترضوه فيها، قال فانبهت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، فصرخ بهم، فولوا مدبرين، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل عرفتم القوم؟» قلنا: لا يا رسول الله- وقد كانوا متلثمين- ولكنا قد عرفنا الركاب قال: «هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة. وهل تدرون ما أرادوا؟» قلنا: لا، قال «أرادوا أن يزاحموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة، فيلقوه فيها». قلنا: يا رسول الله أفلا نبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم؟ قال: «لا أكره أن

<<  <  ج: ص:  >  >>