بن أبي، القائل يوم كذا، كذا وكذا- يعدد أيامه- قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم حتى إذا أكثرت عليه قال «أخر عني يا عمر» إني خيرت فاخترت، قد قيل لي اسْتَغْفِرْ لَهُمْ الآية، لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت» قال: ثم صلى عليه، ومشى معه، وقام على قبره، حتى فرغ منه، قال: فعجبت من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم،- والله ورسوله أعلم- قال فو الله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً الآية. فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره، حتى قبضه الله عزّ وجل. وهكذا رواه الترمذي في التفسير وقال: حسن صحيح.
٣ - بعد نزول قوله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على أحد من المنافقين، ولا يقوم على قبره، كما روى الإمام أحمد عن أبي قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي إلى جنازة سأل عنها، فإن أثني عليها خيرا قام فصلى عليها، وإن كان غير ذلك قال لأهلها:«شأنكم بها» ولم يصل عليها، وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله، حتى يصلي عليها حذيفة بن اليمان، لأنه كان يعلم أعيان المنافقين، قد أخبره بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان يقال له صاحب السر الذي لا يعلمه غيره- أي من الصحابة-.
٤ - دل نهيه جل جلاله عن الصلاة على المنافقين، والقيام على قبورهم للاستغفار لهم، أن هذا الصنيع من أكبر القربات في حق المؤمنين، كما ثبت في الصحاح وغيرها من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان» قيل: وما القيراطان؟ قال:
«أصغرهما مثل أحد». وأما القيام عند قبر المؤمن إذا مات، فروى أبو داود ... عن عثمان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل» انفرد بإخراجه أبو داود رحمه الله.
٥ - علينا أن ننتبه جيدا في عصرنا إلى موضوع الصلاة، والاستغفار للمنافقين- إذ في عصرنا كثر النفاق وليس لنا دليل عليه- إلا أن نتفهم النصوص في شأنهم، فنعرفهم من خلال صفاتهم، وأقوالهم، ومن النفاق الصريح ادعاء الإسلام مع الانخراط في كل تكتل غير مسلم، وإعطاء الولاء لأهله على أساس غير الإسلام، إلا بتكليف من أهل الإسلام والعاملين له.