نلتم من عدو نيلا، إلا وقد شركوكم في الأجر». ثم قرأ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ الآية. وأصل الحديث في الصحيحين من حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا، ولا سرتم مسيرا، إلا وهم معكم» قالوا: وهم بالمدينة؟ قال:«نعم حبسهم العذر» وروى الإمام أحمد .. عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد خلفتم بالمدينة رجالا، ما قطعتم واديا، ولا سلكتم طريقا، إلا شركوكم في الأجر، حبسهم المرض». ورواه مسلم وابن ماجه من طرق.
أ- روى الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال الأعرابي: والله حديثك ليعجبني وإن يدك لتريبني، فقال زيد: ما يريبك من يدي إنها الشمال؟ فقال الأعرابي: والله ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال. فقال زيد بن صوحان: صدق الله الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ.
ب- وروى الإمام أحمد عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن» ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي: حسن غريب.
ج- قال ابن كثير: ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولا، وإنما كانت البعثة من أهل القرى، كما قال تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى. (سورة يوسف: ١٠٩)
د- وروى الإمام مسلم عن عائشة قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم، قالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وأملك أن كان الله نزع منكم الرحمة؟» وقال ابن نمير: (من قلبك الرحمة).
٥ - وبمناسبة قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ نذكر أن هناك قراءة برفع الأنصار، وقراءة حفص التي عليها هذا التفسير بالخفض، وقد أشرنا إلى هذا لأننا سننقل كلام ابن كثير كله في هذه الآية، وقد أشار هو إلى هذا الموضوع.