يشارك الجيش في الغنيمة بعد انقضاء الحرب، لأن وطء ديارهم مما يغيظهم، وقد أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لابني عامر وقد قدما بعد تقضي الحرب.
٤ - هناك حالات أجاز فيها الفقهاء لنوع من الناس ألا ينفروا، وهم الذين تحتاج الأمة إلى علمهم، ولا يغني عنهم غيرهم، أي هم الذين يعتبرون مراجع دينية للمسلمين، وعلى هذا فإن النص يمكن أن يكون في أمثال هؤلاء.
وبمناسبة قوله تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ ... الآية قال الألوسي:(قال حجة الإسلام الغزالي عليه الرحمة: كان اسم الفقه في العصر الأول اسما لعلم الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب، وتدل عليه هذه الآية فما به الإنذار والتخويف هو الفقه، دون تعريفات الطلاق واللعان والسلم والإجارات، وسأل فرقد السنجي الحسن عن شئ فأجابه فقال: إن الفقهاء يخالفونك فقال الحسن: ثكلتك أمك هل رأيت فقيها بعينك؟ إنما الفقيه الزاهد في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه، الورع الكاف عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم، الناصح لجماعتهم، ولم يقل في جميع ذلك الحافظ لفروع الفتاوى) ا. هـ.
وهو من الحسن بمكان، لكن الشائع إطلاق الفقيه على من يحفظ الفروع مطلقا، سواء كانت بدلائلها أم لا، كما في (التحرير). وفي (البحر) عن (المنتقى) ما يوافقه، واعتبر في (القنية) الحفظ مع الأدلة، وذكر غير واحد أن تخصيص الإنذار بالذكر لأنه الأهم، وإلا فالمقصود الإرشاد الشامل لتعليم السنن والآداب، والواجبات والمباحات، والإنذار أخص منه، ودعوى أنهما متلازمان، وذكر أحدهما مغن عن الآخر غفلة أو تغافل، وذهب كثير من الناس إلى أن المراد من النفر: الخروج لطلب العلم، فالآية ليست متعلقة بما قبلها من أمر الجهاد، بل لما بين سبحانه وجوب الهجرة والجهاد، وكل منهما سفر لعبادة، فبعد ما فضل الجهاد، ذكر السفر الآخر وهو الهجرة لطلب العلم، فضمير يتفقهوا وينذروا للطائفة المذكورة لمذكورة، وهي النافرة، وهو الذي يقتضيه كلام مجاهد. فقد أخرج عنه ابن جرير وابن المنذر وغيرهما أنه قال: إن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا في البوادي، فأصابوا من الناس معروفا ومن الخصب ما ينتفعون به، ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى. فقال لهم الناس: ما نراكم إلا قد تركتم أصحابكم وجئتمونا! فوجدوا في أنفسهم من ذلك