إن مجموعة ما عند ما تفصل في سورة البقرة فإنها تفصل في محاور على ترتيب سورة البقرة، ولكن ليس شرطا أن تكون هذه المحاور وراء بعضها مباشرة في سورة البقرة.
فقد يكون هناك فاصل بين المحور والمحور، ولكن من الملاحظ أن مجموعة ما عند ما تفصل في محاور متعددة فإن هذه المحاور من سورة البقرة تربطها مع بعضها روابط متينة في عالم المعنى، وسنرى ذلك بشكل واضح أثناء التفصيل- إن شاء الله- وهاهنا سنقدم نموذجا:
*** لقد كان أكثر ما انصب عليه تفصيل سورة آل عمران من مقدمة سورة البقرة هو توضيح صفات المتقين والكافرين. وسنرى أن سورة يونس سينصب تفصيلها على الآية الأول من مقدمة سورة البقرة الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.
ولقد انصب تفصيل سورة النساء على الآيات الخمس الآتية بعد مقدمة سورة البقرة وخاصة على التقوى من قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
وسنرى أن سورة هود سينصب تفصيلها على قوله تعالى: اعْبُدُوا من قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وأن سورة يوسف سترينا مصداق قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ.
فسورتا: هود ويوسف تفصلان في الآيات الخمس التي فصلت فيها سورة النساء، ولكنهما تركزان على نقاط بعينها، بينما ركزت سورة النساء على نقاط أخرى، وسورة الرعد تفصل في نفس المحور الذي فصلت فيه سورة المائدة، مع تركيزها على نقاط بعينها.
ثم تأتي سورة إبراهيم فتفصل في آية بعيدة في سورة البقرة هي: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ. ولو أنك أتيت إلى محاور هذه المجموعة كلها من سورة البقرة ووضعتها بجانب بعضها لرأيت أنك أمام موضوع متكامل.