بتفضيله على رسول أو نبي أو نحو ذلك مما عليه العوام اليوم في معاملة من يعتقدونه وليا التي هي أشبه شئ بمعاملة المشركين من يعتقدونه إلها نسأل الله تعالى العفو والعافية، ولا يشترط فيه صدور كرامة على يده، كما يشترط في الرسول صدور معجزة، ويكفيه الاستقامة كرامة، كما يدل عليه ما اشتهر عن أبي يزيد رحمه الله: بل الولي الكامل لا التفات له إليها، ولا يود صدورها على يده، إلا إذا تضمنت مصلحة للمسلمين خاصة أو عامه. وفي الجواهر والدرر للشعراني سمعت شيخنا يقول: إذا زل الولي ولم يرجع لوقته عوقب بالحجاب، وهو أن يحبب إليه إظهار خرق العوائد المسماة في لسان العامة كرامات، فيظهر بها ويقول: لو كنت مؤاخذا بهذه الزلة لقبض عني التصرف، وغاب عنه أن ذلك استدراج، بل ولو سلم من الزلة، فالواجب خوفه من المكر والاستدراج، وقال بعضهم: الكرامة حيض الرجال، ومن اغتر بالكرامات بالكرى مات. وأضر الكرامات للولي ما أوجب الشهرة فإن الشهرة آفة، وقد نقل عن الخواص:
أنها تنقص مرتبة الكمال، وأيد ذلك بالأثر المشهور «خص بالبلاء من عرفه الناس» نعم ذكر في أسرار القرآن أن الولاية لا تتم إلا بأربعة مقامات: الأول: مقام المحبة، والثاني: مقام الشوق، والثالث: مقام العشق، والرابع: مقام المعرفة، ولا تكون المحبة إلا بكشف الجمال، ولا يكون الشوق إلا باستنشاق نسيم الوصال، ولا يكون العشق إلا بدنو الأنوار، ولا تكون المعرفة إلا بالصحبة، ولحصول ذلك آثار وعلامات مذكورة فيه، فليراجعه من أرادها؛ والكلام في هذا المقام كثير، وكتب القوم ملأى منه، وما ذكرناه كفاية لغرضنا. وأحسن ما يعتمد عليه في معرفة الولي اتباعه الشريعة الغراء، وسلوك المحجة البيضاء. فمن خرج عنها قيد شبر بعد عن الولاية بمراحل. فلا ينبغي
أن يطلق عليه اسم الولي ولو أتى بألف ألف خارق، فالولي الشرعي اليوم أعز من الكبريت الأحمر. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما الخيام فإنها كخيامهم ... وأرى نساء الحي غير نسائها
٤ - مما يساعد على فهم قوله تعالى لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ هذه النقول:
روى الإمام أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ قال:«الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له».