من البئر اسما عربيا هو مالك بن الخزاعي. أما من أين أتوا بهذه التسميات، وما مقدار الثقة بها؟ فهذا الذي لا نستطيع الجزم بشيء منه، ولكن أن يكون الذي استنقذه عربيا، وأن يكون حاكم مصر وقتذاك عربيا فذلك جائز. ينقل ابن كثير عن محمد بن إسحاق أن ملك مصر وقتذاك هو الريان بن الوليد رجل من العماليق. أي من الكنعانيين لأن أرض كنعان كانت تسمى بها فلسطين قديما. وسكانها هم الكنعانيون والعماليق من الكنعانيين. والذي يذكره قاموس لاروس أن الهكسوس اجتاحوا مصر من قبل أرض كنعان.
٤ - هناك خلاف بين المفسرين حول نبوة إخوة يوسف. فهل هم أنبياء، وإذا كانوا أنبياء فكيف وقعوا في هذه المعصية؟ الذين قالوا إنهم أنبياء قالوا كان ذلك قبل النبوة. قال ابن كثير: واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف، وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك، ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك، وفي هذا نظر. ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل. ولم يذكروا سوى قوله تعالى قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ (البقرة: ١٣٦) وهذا فيه احتمال لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط، كما يقال للعرب قبائل، وللعجم شعوب. يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل، فذكرهم إجمالا لأنهم كثيرون. ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف، ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحي إليهم. والله أعلم).
٥ - بمناسبة قوله تعالى: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ذكر ابن كثير حديثا مرسلا هو: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فقال: «صبر لا شكوى فيه». ونقل عن الثوري قوله «أنه قال: ثلاث من الصبر: أن لا تحدث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكي نفسك».
٦ - في القسم الذي يتحدث عن يعقوب ويوسف عليهما السلام مما يسمونه التوراة الحالية كلام مذهل، يعجب الإنسان كيف يوجد مثله في كتاب ديني يقص الحق للأسوة والعمل إذ فيه حديث عن أن رأوبين بن يعقوب زنى ببلهة سرية أبيه وأم إخوته دان ونفتالي، وأن يهوذا زنى بكنته زوجة ابنه، وأن بنت يعقوب دينة بنت ليئة قد زنى بها ابن حمور الحوي. ومثل هذا الكلام يرد في التوراة الحالية حتى في حق الأنبياء، وهذا كله يدل على أن اليهود- عليهم اللعنة- الذين هم أجرأ الناس على قتل الأنبياء.