٢ - لفت نظرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مواقف في قصة يوسف عليه السلام، رحمة بهذه الأمة. فلنر ذلك:
في المسند والصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى الآية (والمعنى: وإذ لم نشك نحن فإن إبراهيم لم يقل كلمة شكا) ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي» وفي هذا الشأن بيان للرخصة رحمة بأفراد هذه الأمة، حتى لا يظن أحد من هذه الأمة أن عليه أن يقف موقف يوسف في رفض الخروج حتى تثبت البراءة، وفي لفظ الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر».
وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول، ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب، ولكنه أراد أن يكون له العذر» قال ابن كثير: هذا حديث مرسل. وكما قلنا فإن رسولنا عليه الصلاة والسلام يعطي هذه الأمة رخصة في هذا المقام: وإلا فما أوقف الله رسوله صلى الله عليه وسلم موقفا إلا وتصرف فيه التصرف الأعلى والأكمل والأرقى.
٣ - في طلب يوسف الولاية من سلطة كافرة بناء على كفايته، وأمانته في القيام بمضمونها، وقبوله ما يشبه الوزارة في دولة كافرة، وهو محل القدوة، دليل على أن حكم الله في هذا الموضوع مرتبط بمصلحة الإسلام والمسلمين ومصلحة الخلق، وهو موضوع يحتاج إلى موازنات كثيرة، وشورى من أهلها إن وجدوا، وقد غلط ناس ظنوا أن المشاركة في وزارة أو غيرها في كل سلطة كافرة حرام بإطلاق، وفى ثناء يوسف عليه السلام على نفسه دليل على أنه يجوز للرجل ذلك إذا جهل أمره للحاجة.
وهاتان قضيتان مهمتان في عصرنا. ففي عصرنا حيث يتحكم الكفر ويحكم.
وحيث فرضت أنظمة كافرة على أقطار إسلامية، تجد بعض المسلمين يترددون في المشاركة في الحكم، أو في رفضه، وتجدهم يترددون في ترشيح أنفسهم لمناصب