للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو حماية من تهوى من جرائر التهمة التي ألصقتها به، وتحديد عقوبة لا تؤدي بحياته. أو رد الكيد للنسوة من ثغرة الضعف الغريزي الشهوي الذي تعرفه فيهن من معرفتها لنفسها، أو التبجح بشهوانيتها أمام انكشاف ضعف عزيمتها وكبريائها أمام من تهوى، ووقوف نسوتها معها على أرض واحدة، حيث تبدو فيها الأنثى متجردة من كل تجمل المرأة وحيائها، الأنثى التي لا تحس في إرواء هواتفها الأنثوية أمرا يعاب أصلا. ومع صدق التصوير والتعبير عن هذا النموذج البشري الخاص بكل واقعيتها. وعن هذه اللحظة الخاصة بكل طبيعتها.

- ... يوسف العبد الصالح- الإنسان- ...... وهو يواجه الفتنة بكل بشريته- مع نشأته في بيت النبوة وتربيته ودينه- وبشريته مع نشأته وتربيته ودينه يمثل بمجموعها واقعيته بكل جوانبها .. لقد ضعف حين همت به .... ، ولكن الخيط الآخر شده وأنقذه من السقوط فعلا. ولقد شعر بضعفه إزاء كيد النسوة. ومنطق البيئة، وجو القصور، ونسوة القصور أيضا. ولكنه تمسك بالعروة الوثقى ..

ليست هنالك لمحة واحدة مزورة في واقعية الشخصية وطبيعتها، وليس هنالك رائحة من مستنقعات الجاهلية ووحلها الفني. ذلك أن هذا هو الواقع السليم بكل جوانبه.

والعزيز. وشخصيته بطبيعتها الخاصة. وبطبيعة سمت الإمارة، ثم بضعف النخوة، وغلبة الرياء الاجتماعي وستر الظواهر وإنقاذها وفيه تتم كل خصائص بيئته.

والنسوة. نسوة هذا المجتمع بكل ملامحه .. اللغط بسيرة امرأة العزيز وفتاها الذي راودته عن نفسه، بعد ما شغفها حبا والاستنكار الذي تبدو فيه غيرة النسوة من امرأة العزيز أكثر مما يبدو فيه استنكار الفعلة، ثم وهلتهن أمام طلعة يوسف. ثم إقرارهن الأنثوي العميق بموقف المرأة التي كن يلغطن به ويستنكرن موقفها، وإحساس هذه المرأة بهذا الإقرار الذي يشجعها على الاعتراف الكامل، وهي آمنة في ظل استسلامهن لأنوثتهن كما تصنعها بيئتهن الخاصة وتوجهها. ثم ميلهن كلهن على يوسف بالإغراء والإغواء، رغم ما أنطقتهن به الوهلة الأولى من نظافته وطهارته البادية من قولهن:

حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً، إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ نأخذ ذلك من قولة يوسف عليه السلام: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ .. فلم تعد امرأة العزيز وحدها تراوده، ولكن عادت نسوة تلك الطبقة بجملتها تطارده.

والبيئة التي تتجلى سماتها من خلال ذلك كله. ثم من خلال ذلك التصرف في أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>