يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ* الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ* وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ* وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ إن حياة الناس لا تصلح إلا بأن يتولى قيادتها المبصرون أولو الألباب الذين يعلمون أن ما أنزل إلى محمد- صلى الله عليه وسلم- هو الحق. ومن ثم يوفون بعهد الله على الفطرة وبعهد الله على آدم وذريته، أن يعبدوه وحده فيدينوا له وحده، ولا يتلقوا عن غيره، ولا يتبعوا إلا أمره ونهيه. ومن ثم يصلون ما أمر الله به أن يوصل، ويخشون ربهم فيخافون أن يقع منهم ما نهى عنه وما يغضبه، ويخافون سوء الحساب، فيجعلون الآخرة في حسابهم في كل خالجة وكل حركة، ويصبرون على الاستقامة على عهد الله ذاك بكل تكاليف الاستقامة، ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله سرا وعلانية، ويدفعون السوء والفساد في الأرض بالصلاح والإحسان.
إن حياة الناس في الأرض لا تصلح إلا بمثل هذه القيادة المبصرة التي تسير على هدى الله وحده والتي تصوغ الحياة كلها وفق منهجه وهديه .. إنها لا تصلح بالقيادات الضالة العمياء التي لا تعلم ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وحده والتي تتبع- من ثم- مناهج أخرى غير المنهج الذي ارتضاه للصالحين من عباده .. إنها لا
تصلح بالإقطاع والرأسمالية كما أنها لا تصلح بالشيوعية والاشتراكية العلمية أنها كلها من مناهج العمي الذين لا يعلمون أن ما أنزل على محمد- صلى الله عليه وسلم- هو وحده الحق الذي لا يجوز العدول عنه ولا التعديل فيه .. إنها لا تصلح بالثيوقراطية كما أنها لا تصلح بالديكتاتورية أو الديموقراطية فكلها سواء في كونها من مناهج العمي الذين يقيمون من أنفسهم أربابا من دون الله، تصنع هي مناهج الحكم ومناهج الحياة وتشرع للناس ما لم يأذن به الله، وتعبدهم لما تشرع فتجعل دينونتهم لغير الله .. وآية هذا الذي نقوله استمدادا من النص القرآني- هو هذا الفساد الطامي الذي يعم وجه الأرض اليوم في جاهلية القرن العشرين وهو هذه الشقوة النكدة التي تعانيها البشرية في مشارق الأرض ومغاربها .. سواء في ذلك أوضاع الإقطاع والرأسمالية، وأوضاع الشيوعية والاشتراكية العلمية .. وسواء في ذلك الأشكال الديكتاتورية في الحكم أو الديموقراطية إنها كلها سواء فيما تلقاه البشرية من خلالها من فساد وتحلل، ومن شقاء ومن قلق، لأنها كلها سواء من صنع العمي الذين لا يعلمون أن ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من ربه هو الحق وحده ولا تلتزم- من ثم- بعهد الله وشرعه، ولا تستقيم في حياتها على منهجه وهديه.