للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة بعض الآيات التي تشبهها في المعنى فقال: كما قال تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ* وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ ....

(الصافات: ١٧١ - ١٧٣) وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (الأعراف: ١٣٧) اهـ

ومن خلال النظر في هذه الآيات ندرك أن الله عزّ وجل من سننه أن تكون العاقبة للمتقين، وأنه ربى المسلمين على أن يعرفوا هذه السنة ويعتقدوها، فهي جزء من

معرفة الله، وهي من النور الذي يخرج الله إليه عباده كما يفهم من السياق.

٤ - بمناسبة قوله تعالى وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يذكر ابن كثير أنواع عذاب أهل النار وأن الماء الصديد واحد من هذه الأنواع، وله كلام نفيس بمناسبة هذه الآية وما بعدها ننقله مع حذف الأسانيد. قال: (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ أي في النار ليس له شراب إلا من حميم وغساق، فهذا حار في غاية الحرارة، وهذا بارد في غاية البرد والنتن كما قال تعالى: هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ* وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (ص: ٥٧، ٥٨) وقال مجاهد وعكرمة: الصديد من القيح والدم، وقال قتادة:

هو ما يسيل من لحمه وجلده، وفي رواية عنه: الصديد ما يخرج من جوف الكافر قد خالط القيح والدم، وفي حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: قلت: يا رسول الله ما طينة الخبال؟ قال: «صديد أهل النار». وفي رواية «عصارة أهل النار». وقال الإمام أحمد .. عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ قال: «يقرب إليه فيتكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره» يقول الله تعالى: وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (محمد: ١٥) ويقول وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ الآية (الكهف: ٢٩). وهكذا رواه ابن جرير من حديث عبد الله بن المبارك به، ورواه ابن أبي حاتم من حديث بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو به، وقوله (يتجرعه) أي يتغصصه ويتكرهه أي يشربه قهرا وقسرا لا يضعه في فمه حتى يضربه الملك بمطراق من حديد كما قال تعالى: وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (الحج: ٢١). وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ أي يردده لسوء طعمه ولونه وريحه وحرارته وبرده الذي لا يستطاع وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ أي يألم له جميع بدنه وجوارحه وأعضائه، قال عمر بن ميمون بن مهران: من كل عظم وعصب وعرق، وقال عكرمة: حتى من أطراف شعره، وقال إبراهيم التيمي: من

<<  <  ج: ص:  >  >>