قضى بيننا ربنا فمن يشفع لنا؟ فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم، وذكر نوحا، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي، فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم إليه، فيثور من مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط، حتى آتي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى أظفر قدمي، ثم يقول الكافرون: هذا قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا؟ ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا، فيأتون إبليس فيقولون:
قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فقم أنت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا فيقوم فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط ثم يعظم نحيبهم وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ).
٤ - يلاحظ النسفي ملاحظة وهي أن الله عزّ وجل إذا خاطب الكفار واعدا إياهم بالتوبة من ذنوبهم إذا آمنوا يذكر كلمة (من) قبل الذنب، كما ورد في هذه السورة لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وكما ورد في سورة نوح وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وكما ورد في سورة الأحقاف يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ بينما لا تذكر كلمة (من) في نفس المقام في خطاب المؤمنين، فمثلا في سورة الصف بعد قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ .... يأتي قوله تعالى يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ قال: وغير ذلك مما يعلم بالاستقراء، وكأن ذلك للتفرقة بين الخطابين ولئلا يسوى بين الفريقين في الميعاد)
مر معنا حتى الآن من هذه السورة أربع مجموعات:
المجموعة الأولى: مقدمة السورة.
والمجموعة الثانية: الكلام عن موسى عليه السلام.
والمجموعة الثالثة: المبدوءة ب أَلَمْ يَأْتِكُمْ .... المنتهية بقوله تعالى ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ
والمجموعة الرابعة: المبدوءة بقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ .... وكل من المجموعة الثالثة والرابعة مبدوءة بخطاب أَلَمْ يَأْتِكُمْ أَلَمْ تَرَ والآن يأتي خطاب ثالث مبدوء ب أَلَمْ تَرَ .... وفيه ذكر لطريق من طرق الخروج من الظلمات إلى النور تضمنه المجموعة الخامسة.