الإنسان، بعد أن ذكر فيما قبلها خلق الحياة والأشياء، وإذا كانت المجموعة الأولى في السورة قد تحدثت عن الكافرين، فإن في المجموعات الثانية والثالثة والرابعة إقامة حجة على الكفر والكافرين.
٢ - إن المجموعة التي مرّت معنا عللت لظاهرتي الهداية والضلال بما يعرف معه سبب الكفر الذي حدثتنا عنه المجموعة الأولى كما رسمت طريق الاهتداء.
٣ - إن مجئ قصّة آدم عليه السلام في سورة الحجر يشبه مجئ قصة آدم عليه السلام في سورة البقرة، من حيث إن المعاني التي سبقت قصة آدم عليه السلام هنا قد جاء شبهها في قصة آدم هناك، كما أن الخاتمتين متشابهتان في أن كلّا منهما تحدثت عن الناجين والهالكين، لكن في القصة هنا معان هي محل التركيز في سياق سورة الحجر.
٤ - رأينا أن المحور الأساسي لسورة الحجر هو مقدمة سورة البقرة، وخاصة قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ والملاحظ أن سورة الحجر بعد أن وصفت الكافرين وأقامت عليهم الحجة تأتي مجموعة فيها لتقول: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ إن هناك ناسا يستبعدون أن يعذّب الله أحدا لجهلهم بجلال الله، ولذلك تأتي المجموعة اللاحقة من السورة لتصحح مفاهيم هؤلاء.
٥ - جاء الأمر الأول لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في السورة في قوله تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وهو أمر للنذير أن يعرض عن الكافرين لعدم فائدة الإنذار في حقهم، وفي المجموعة اللاحقة يأتي أمران جديدان للنذير: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ* وَنَبِّئْهُمْ
عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ.
فهناك أمر بالإخبار عن رحمة الله ونعمته، وهناك أمر بالإخبار عن ضيوف إبراهيم الآتين بالبشارة لإبراهيم وبالعذاب لقوم لوط، وهذا يفيد أن على النذير أن يبين لعباد الله ما يعرفون به الله، وذلك ينفع هؤلاء وتقوم به الحجة على أولئك فلنر المجموعة الخامسة.