كالحسين وابن الزبير وسعيد بن جبير وأقول: تبقى الموازنة بين الخروج على الظالمين وعدمه قائمة، إلا إذا كفروا وكنا قادرين. وأقول: إن علينا أن نعمل لإيجاد أنظمة إسلامية، لا يجد فيها الفاسق والظالم أحدا يتجاوب معه من الأمة، فضلا عن أهل الحل والعقد، وبالتالي فإذا فسق أو جار حاكمته محكمتنا العليا، أو مؤسساتنا العليا، ثم طرد من منصبه غير مأسوف عليه، لقد استطاع الغريبون أن يوجدوا نوعا من الأنظمة لا يستطيع معها زعيم أو قائد أن يستمر إذا ما وقع في خطأ أو خلل. فكيف نعجز نحن عن ذلك؟ والإسلام هو الإسلام، لقد سقط إيدن في بريطانيا لأنه ارتكب خطأ سياسيا، وسقط نيكسون في أمريكا لأنه استغل أجهزة الحكم لصالح تجديد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة.
ولنعد إلى القرطبي:
قال القرطبي: قال ابن خويزمنداد: «وكل من كان ظالما لم يكن نبيا، ولا خليفة، ولا حاكما، ولا مفتيا، ولا إمام صلاة، ولا يقبل عنه ما يرويه عن صاحب الشريعة، ولا تقبل شهادته في الأحكام، غير أنه لا يعزل بفسقه حتى يعزله أهل الحل والعقد، وما تقدم من أحكامه موافقا للصواب ماض غير منقوض، وقد نص مالك على هذا في الخوارج والبغاة، أن أحكامهم لا تنقض إذا أصابوا بها وجها من الاجتهاد، ولم يخرقوا الإجماع، أو يخالفوا النصوص، وإنما قلنا ذلك لإجماع الصحابة، وذلك أن الخوارج قد خرجوا في أيامهم، ولم ينقل أن الأئمة تتبعوا أحكامهم، ولا نقضوا شيئا منها، ولا أعادوا أخذ الزكاة، ولا إقامة الحدود التي أخذوا بها وأقاموا، فدل على أنهم إذا أصابوا وجه الاجتهاد لم يتعرض لأحكامهم».
أقول: ومن قبل لم يتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما كان في شأن الجاهلية إلا في قضية قائمة، كإسقاطه ربا العباس، ومن ثم فالحركة الإسلامية إذا استلمت الحكم فإنها لن تنظر إلا في قضية قائمة، ومن هنا يعرف أننا لن نتعرض لماض، وإنما سنعالج الحاضر على ضوء الإسلام، وبالتالي فإننا لن نتعرض لمواضيع الإصلاح الزراعي وغيرها، مما حدث في مراحل سابقة على حكمنا وانتهى الأمر فيه، وسنحاول أن نعطي كل الناس مما يسعهم ويغنيهم، فالإسلام يزيد ولا ينقص، وسنربي الناس على المسامحة، وعلى أن يتخلصوا من مظالمهم على ضوء الفتوى المعتبرة من أهلها، ونعود إلى القرطبي.
وقال القرطبي: قال ابن خويزمنداد: «وأما أخذ الأرزاق من الأئمة الظلمة فلذلك ثلاثة أحوال: إن كان جميع ما في أيديهم مأخوذا على موجب الشريعة فجائز أخذه، وقد