وأخرج الحاكم في مستدركه .. عن أبي سعيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين».
وروى الحافظ أبو بكر البيهقي بسنده أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من قرأ سورة الكهف كما نزلت كانت له نورا يوم القيامة».
وهكذا روى الحافظ الضياء المقدسي بسنده عن عليّ مرفوعا:«من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة، وإن خرج الدجال عصم منه»). اهـ. كلام ابن كثير.
ويتساءل الأستاذ الندوي في رسالته (تأملات في سورة الكهف) عن السّر في أن هذه السورة أو بعضا منها يعصم من الدجال ويجيب على ذلك وهذا كلامه:
(وتساءلت ماذا في هذه السورة من المعاني والحقائق والتنبيهات والزواجر، ما يعصم من هذه الفتنة التي استعاذ منها النبي صلّى الله عليه وسلّم كثيرا، وحث أمته على الاستعاذة منها حثا شديدا، والتي هي الفتنة الكبرى الأخيرة، التي قال عنها:«ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال». ولماذا خصّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- وهو أعرف خلق الله بكتاب الله وأسراره وعلومه- هذه السورة الكريمة من بين سور القرآن؟
ورأيت نفسي تتوق إلى معرفة سرّ هذا التخصيص، والصلة المعنوية بينها وبين هذه العصمة، التي أخبر بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم. ففي القرآن سور من القصار المفصّل، وسور من الطوال، عدل عنها النبي صلّى الله عليه وسلّم واقتنعت إجمالا، بأن هذه السورة، هي السورة القرآنية الفريدة، التي تحتوي على أكبر مادة وأغزرها فيما يتصل بفتن العهد الأخير التي يتزعمها الدجّال، ويتولى كبرها ويحمل رايتها، وتحتوي على أكبر مقدار من الترياق الذي يدفع سموم الدجّال ويبرئ منها، وأن من يتشرّب معاني هذه السورة ويمتلئ بها- وهو نتيجة الحفظ والإكثار من القراءة في عامة الأحوال- يعتصم من هذه الفتنة المقيمة المقعدة للعالم، ويفلت من الوقوع في شباكها، وأن في هذه السورة الكريمة من التوجيهات والإرشادات، والأمثال والحكايات، ما يبين الدجّال ويشخّصه في كل زمان ومكان، وما يوضّح الأساس الذي تقوم عليه فتنته ودعوته، وتهيئ العقول والنفوس لمحاربة هذه الفتنة ومقاومتها، والتمرد عليها، وإن فيها روحا تعارض التدجيل وزعماءه، ومنهج تفكيرهم، وخطة حياتهم في وضوح وقوة).