للضعيف المظلوم، فلم ينقض اثنا عشر عاما حتى خضعت له البلاد والدول ما بين البحر الأسود إلى باختر Bactria وقد ثبت تاريخيا أنه غزا الغرب مرة، فأوغل فيه إلى غرب آسيا الصغرى، وفتح دولة ليديا التي كانت عاصمتها ساردس Sardis حتى وصل إلى البحر في أقصى الغرب، فوجده يموج، وتراءت له الشمس تغرب فيه، فتوقف هناك لعدم وجود البوارج الحربية، ولا يستغرب إذا كان قد وصل إلى ساحل من سواحل بحر إيجه Agean Sea الواقع في جوار «سمرنا» والبحر يتراءى هناك بحيرة، وقد تمثلت له الشمس في الأصيل تغيب في الوحل الذي نشأ على ساحلها. وهو الذي يصوره القرآن بقوله: وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ.
وغزا ثانية الشرق، فوصل في هذه الغزوة إلى مكران وبلخ، وأخضع القبائل الهمجية التي ليست لها وقاية من الشمس لبعدها من المدينة وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً ثم ذهب إلى بابل العاصمة المنيعة، فأنقذ اليهود «بني إسرائيل» من الذل والأسر. والاضطهاد الذي سلّطه عليهم ملك بابل «بختنصر» فأصبح بذلك منقذ اليهود، ولهجوا بذكره والثناء عليه، والتساؤل عنه، وبذلك حقق نبوءات بني إسرائيل الواردة في التوراة.
وكانت له غزوة ثالثة في الشمال. وقد ترك بحر خزر Caspian Sea عن يمينه، حتى وصل إلى جبال القفقاس، فوجد فجوة واقعة في هذه الجبال كان يدخل منها يأجوج ومأجوج، ويعيشون في البلاد، وهنا أقام السد، وقد مات سائرس سنة ٥٢٩ ق. م فوجد في سنة ١٨٣٨ م تمثال من رخام في أنقاض اصطخر Passar Gadae ظهر في رأسه قرنان مثل قرني الكبش، يمثلان مملكتي ميديا وفارس اللتين جمع بينهما سائرس، وبذلك سمي ذو القرنين. وقد شهد المؤرخون العصريون بكرم سائرس وشخصيته العادلة الفاضلة، ومن أراد التوسع في ذلك فليقرأ مقالة البروفسور B.Grundi راجع المجلد الثاني من Universal History Of The World. لمؤلفه. J.A.Hammerton
٣ - وبمناسبة الكلام عن يأجوج ومأجوج قال صاحب الظلال: «وبعد فمن يأجوج ومأجوج؟ وأين هم الآن؟ وماذا كان من أمرهم وماذا سيكون! كل هذه أسئلة تصعب الإجابة عليها على وجه التحقيق، فنحن لا نعرف عنهم إلا ما ورد في القرآن، وفي بعض الأثر الصحيح. والقرآن يذكر في هذا الموضع ما حكاه من قول ذي القرنين: فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا.