تتألف السورة من مقطعين، كل مقطع يتألف من مجموعات، وسنعرض السورة، وأثناء العرض نتحدّث عن سياقها، ونسأل الله أن يجيرنا من الزلل، والتكلف والتعسّف في فهم كتابه، وأن يفتح علينا، وأن يحفظنا، وأن يختم لنا بالإيمان، إنه على ما يشاء قدير.
كهيعص كنا ذكرنا من قبل أن أحدا لا يستطيع الجزم بمراد الله من هذه الأحرف. وذكرنا أن كل من تكلّم في هذه الأحرف إنما يسجّل ملاحظات حولها. وذكرنا إحدى هذه الملاحظات وهي أن هذه الأحرف تعين على فهم الوحدة القرآنية العامة من خلال كونها تشير إلى بداية مجموعة أو نهايتها، أو تشير إلى محل سورة ضمن مجموعة، أو إلى صلة سورة ضمن السياق الكلي، وأمثال هذا.
وهذه سورة مريم مبدوءة بما رأينا. وقد استفدنا من كون آخر حرف في بدايتها (ص) أنها نهاية مجموعة. ومما نلاحظه أنها مبدوءة بالحرف (ك) وهو الحرف نفسه المبدوءة به الآية التي ذكرنا أنها محور سورة مريم من البقرة كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً.
ونلاحظ أن الحرف (ها) آت في السورة بعدها (طه). ثم لا يرد مرة أخرى، فهل فيه إشارة إلى أن سورته بداية مجموعة لورود الهاء في (كهيعص) كأول حرف بعد الهاء. ثم نلاحظ أن الحرف (يا) يأتي مرة واحدة في سورة (يس) وأن الحرف (عين) يرد بعد ذلك مرة واحدة في سورة الشورى حم عسق والملاحظ: أن ها، يا، عين، جاءت على هذا التسلسل.
كما أن طه، وياسين، وحم عسق، جاءت على نفس التسلسل.
إن (كهيعص) كبقية الأحرف من مفاتيح فهم الوحدة الكلية للقرآن، ومن ثم فإن في هذه الأحرف في القرآن سرا هو وحده آية على أن هذا القرآن من عند الله المحيط علما بكل شئ.
وقد سجّل المفسّرون كثيرا من الأقوال حول هذه الأحرف أشرنا إليها من قبل، ولا يخرج كلامهم عن كونه محاولات للعثور على تفسير أو تسجيلا لملاحظة فلا نعيده.