سبحانه عن نفسه فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أنه قد اتفق على ذلك أهل القرون الثلاثة، وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم، وكلام إمام الحرمين في الإرشاد يميل إلى طريقة التأويل، وكلامه في الرسالة النظامية مصرح باختياره طريقة التفويض؛ حيث قال فيها: والذي نرتضيه رأيا، وندين به عقدا، اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع وترك الابتداع، والدليل السمعي القاطع في ذلك إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم. فإنهم درجوا على ترك التعرض لمعاني المتشابهات، مع أنهم كانوا لا يألون جهدا فى ضبط قواعد الملة، والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسنونا أو محتوما لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق الاهتمام بفروع الشريعة، وقد اختاره أيضا الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه الذي صنفه في اختلاف المصلين، ومقالات الإسلاميين، وفي كتابه الإبانة في أصول الديانة، وهو آخر مصنفاته فيما قيل. وقال البيضاوي في الطوالع: والأولى اتباع السلف في الإيمان بهذه الأشياء يعني المتشابهات- ورد العلم إلى الله تعالى بعد نفي ما يقتضي التشبيه والتجسيم عنه تعالى).
٣ - بمناسبة قوله تعالى وَما تَحْتَ الثَّرى يذكر ابن كثير كلاما مرجعه إما إلى الإسرائيليات، وإما إلى حديث رواه من لا يساوي شيئا، ومن ثم أضربنا عن نقله، إلا أننا نذكر أن علم الجيولوجيا المعاصر، أثبت أن في الأرض طبقات، وقد اكتشف منها حتى الآن خمس طبقات، كل طبقة تختلف عن الأخرى، ولا زالت نواة الأرض مجهولة حتى كتابة هذه السطور فيما نعلم، ولا ندري إذا كانت ستنكشف عن كونها أكثر من طبقة» هذا ما أخبرني به الأخ الدكتور حسن زينو المختص في علم الجيولوجيا.
٤ - بمناسبة قوله تعالى وَالسَّماواتِ الْعُلى قال ابن كثير: وقد جاء في الحديث الذي صححه الترمذي وغيره «أن سمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وبعد ما بينها والتي تليها مسيرة خمسمائة عام».
أقول: هذا دليل لنا على ما ذهبنا إليه أن السموات السبع قريبة لنا، فهي أقرب لنا نسبيا من مجرات هذا الكون البعيدة؛ إذ بعض تلك المجرات تبعد عنا آلاف السنين الضوئية كما يذكرون، وهذا يرجح كون السموات السبع دون المجرات، وأنها مغيبة عنا وهو ما اتجهنا إليه في هذا التفسير.
٥ - ذكر ابن كثير سببا لنزول قوله تعالى: ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى وعلق