للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى بلغته رسالتك، ثم قال لي: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فلم يفعل هذا إلا وهو أمين. فسري عن أبيها وصدقها، وظن به الذي قالت، فقال له: هل لك أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ* سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ففعل فكانت على نبي الله موسى ثمان سنين واجبة، وكانت سنتان عدة منه، فقضى الله عنه عدته فأتمها عشرا، قال سعيد وهو ابن جبير: فلقيني رجل من أهل النصرانية من علمائهم قال:

هل تدري أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا، وأنا يومئذ لا أدري، فلقيت ابن عباس فذكرت له ذلك، فقال: أما علمت أن ثمانيا كانت على نبي الله واجبة، لم يكن نبي لينقص منها شيئا، ويعلم أن الله كان قاضيا عن موسى مدته التي كان وعده، فإنه قضى عشر سنين، فلقيت النصراني فأخبرته ذلك فقال: الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك، قلت: أجل وأولى، فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار والعصا ويده ما قص الله عليك في القرآن، فشكا إلى الله تعالى ما يحذر من آل فرعون في القتيل، وعقدة لسانه، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءا يتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه، فآتاه الله سؤله وحل عقدة من لسانه، وأوحى الله إلى هارون، وأمره أن يلقاه، فاندفع موسى بعصاه حتى لقي هارون عليه السلام، فانطلقا جميعا إلى فرعون، فأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ قال: فمن ربكما؟ فأخبراه بالذي قص الله عليك في القرآن قال: فما تريدان؟ وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت قال: أريد أن تؤمن بالله، وترسل معنا بني إسرائيل فأبى عليه وقال: ائت بآية إن كنت من الصادقين.

فألقى عصاه فإذا هي حية تسعى عظيمة، فاغرة فاها، مسرعة إلى فرعون، فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها، فاقتحم عن سريره واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل، ثم أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء، يعني: من غير برص، ثم ردها فعادت إلى لونها الأول، فاستشار الملأ حوله فيما رأى فقالوا له: هذان ساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى، يعني: ملكهم الذي هم فيه، والعيش، وأبوا على موسى أن يعطوه شيئا مما طلب، وقالوا له: اجمع لهما السحرة فإنهم بأرضك كثير، حتى تغلب بسحرك سحرهما، فأرسل إلى المدائن فحشر له كل ساحر متعالم، فلما أتوا فرعون قالوا: بما يعمل هذا الساحر؟ قالوا يعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>