لأحد أن يدع الطواف بهما» أخرجاه في الصحيحين. وفي رواية عن الزهري «أنه قال: فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. فقال: إن هذا العلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهلي يقولون: إن الناس- إلا من ذكرت عائشة- كانوا يقولون إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية. وقال آخرون من الأنصار إنما أمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة.
فأنزل الله تعالى إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ قال أبو بكر بن عبد الرحمن:
فلعلها نزلت في هؤلاء وهؤلاء». وأخرج البخاري:«عن عاصم بن سليمان قال:
سألت أنسا عن الصفا والمروة قال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما. فأنزل الله عزّ وجل: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ».
٢ - في صحيح مسلم من حديث جابر الطويل:«وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه بالبيت عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من باب الصفا وهو يقول:
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ ثم قال: «أبدأ بما بدأ الله به». وفي رواية النسائي:«ابدءوا بما بدأ الله به». وروى الإمام أحمد عن صفية بنت شيبة عن حبيبة:
بنت أبي تجراة قالت:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى، حتى أرى ركبته من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي». ثم رواه الإمام أحمد عن صفية بنت شيبة أن امرأة أخبرتها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة يقول:«كتب عليكم السعي فاسعوا». وقد استدل ابن كثير بهذا الحديث لمذهب من يرى أن السعي بين الصفا والمروة ركن في الحج كما هو مذهب الشافعي ومن وافقه، ورواية عن أحمد وهو المشهور عن مالك. وقيل أنه واجب وليس بركن. فإن تركه عمدا أو سهوا جبره بدم. وهو رواية عن أحمد وبه يقول طائفة، وقيل: بل مستحب، وإليه ذهب أبو حنيفة والثوري والشعبي وابن سيرين. وروي عن أنس وابن عمر وابن عباس. وحكي عن مالك في العتبية قال القرطبي: واحتجوا بقوله تعالى: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً والقول الأول أرجح لأنه عليه السلام طاف بينهما وقال: «لتأخذوا عني مناسككم».
فكل ما فعله في حجته تلك واجب لا بد من فعله في الحج إلا ما خرج بدليل. والله أعلم. وقد تقدم قوله عليه السلام:«اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي».
أقول: الذي عليه الفتوى في مذهب الحنفية، أن السعي بين الصفا والمروة في الحج واجب عند الحنفية. فما نقله ابن كثير عن أبي حنيفة في كونه مستحبا، لعله قول